والنبي «صلىاللهعليهوآله» لم يحاول أن يعفي نفسه من هذه المسؤولية ، رغم أنه لم يكن يملك ما يزودهم به فعلا ، فما كان منه إلا أن بادر إلى التصرف الغيبي ، دون أن يستفيد ـ بحسب ظاهر الأمر ـ من الدعاء والابتهال ، بل هو قد فعل ذلك على سبيل المبادرة بالأمر الحاسم والجازم.
٢ ـ إن خزاعي بن عبد نهم كان قادرا على إقناع قومه بالإسلام ، ولكنه تقاعس عن ذلك لا لعناد ، ولا استخفاف ، وإنما لظنه أن رفضهم الذي واجهوه به في المرة الأولى يكفي عذرا له ، ويجعله في حل من الوفاء بما التزم به ..
فأراد «صلىاللهعليهوآله» إثارة الحافز لديه ، وإفهامه أن ينتظر وفاءه ، فأشار إلى حسان ليذكره في شعره ، دون أن يهجوه ، لأنه لا يستحق الهجاء من جهة ، ولأن المطلوب من جهة أخرى هو التحريك والإثارة ، لمعاودة المحاولة ..
٣ ـ ولسنا نشك في أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان عارفا بمدى تأثير خزاعي في قومه ، وما له من المكانة فيهم ، وأنه سيكون قادرا على الوفاء بما أخذه على نفسه ، وهكذا كان ..
٤ ـ وأما أنه «صلىاللهعليهوآله» قد جعل لمزينة الهجرة في دارهم فقد تحدثنا عن موضوع الهجرة في جزء سابق من هذا الكتاب ، فراجع ما ذكرناه حين الكلام عن هجرة العباس ..
مع ملاحظة : أن مزينة كانت إحدى قبائل النفاق التي كانت حول المدينة ، حيث يقال : إنها مقصودة في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ) (١).
__________________
(١) الآية ١٠١ من سورة التوبة.