ونقول :
أولا : لا ندري بماذا يريد عامر بن الطفيل أن يحمل العرب على أن يطأوا عقبه ، ويكون هو الزعيم الأوحد لهم. هل يريد أن ينال هذا المقام بعلمه ، ومن أين له العلم النافع وهو رجل أعرابي ، وقد وصف الله الأعراب بقوله : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١).
أم باستقامته على جادة الحق ، وبإيمانه وتقواه ، والقرآن يقول : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً).
أم بماله الكثير ، الذي ينفقه على الناس. وهو أعرابي أيضا لم يؤثر عنه جود أو كرم ، ولم نقرأ اسمه في أسخياء العرب ، كحاتم الطائي ، وزيد الخيل ، وقيس ابن سعد وغيرهم .. وهو أيضا أعرابي ويقول الله تعالى عن الأعراب : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢)» (٣). فالأعراب يرون أن الإنفاق في الجهاد للدفاع عن أرواح الناس ، وعن أعراضهم وأموالهم ، وعن حرياتهم وكراماتهم ، أو في سبيل الخير (يرون هذا الإنفاق) مغرما وخسارة. وبلا فائدة ولا عائدة ، فهل ينفقون أموالهم على الفقراء والمحتاجين؟! أم بجاهه العريض ، وشهرته الواسعة ، وهو لم يكن أشهر من غيره من زعماء العرب
__________________
(١) الآية ٩٧ من سورة التوبة.
(٢) الآية ٩٨ من سورة التوبة.
(٣) أقرب الموارد ج ٢ ص ٨٨٤.