راحت تذكّر بالنّسيم الرّاحا |
|
وطفاء تكسر للجنوح جناحا |
أخفى مسالكها الظلام فأوقدت |
|
من برقها كي تهتدي مصباحا |
وعبادة بن ماء السماء ، وكان معروفا بالتشيّع ، وفيه يقول من قصيدة : [الطويل]
أبوكم عليّ كان بالشّرق بدء ما |
|
ورثتم ، وذا بالغرب أيضا سميّه |
فصلّوا عليه أجمعون وسلّموا |
|
له الأمر إذ ولّاه فيكم وليّه |
ومدحه ابن درّاج القسطلّيّ بقوله : [المتقارب]
لعلّك يا شمس عند الأصيل |
|
شجيت لشجو الغريب الذّليل |
فكوني شفيعي لابن الشّفيع |
|
وكوني رسولي لابن الرّسول |
وكان أخوه القاسم بن حمود أكبر منه بعشر سنين ، وأمّهما واحدة ، وهي علوية ، ولما قتل الناصر كان القاسم واليا على إشبيلية ، وكان يحيى بن عليّ واليا على سبتة ، فاختلف هؤلاء البربر (١) ، فمال أكثرهم إلى القاسم لكونه غبن أوّلا ، وقدّم عليه أخوه الأصغر ، وكونه قريبا من قرطبة ، وبينهم وبين يحيى البحر ، فلما وصلت رسلهم إلى القاسم لم يظهر فرحا بالإمامة ، وخاف أن تكون حيلة من أخيه عليه ، فتقهقر إلى أن اتّضح له الحقّ ، فركب إلى قرطبة ، وبويع فيها بعد ستة أيام من قتل أخيه ، وأحسن السيرة ، وأحسّ من البربر الميل إلى يحيى ابن أخيه عليّ صاحب سبتة ، فتهالك في اقتناء السودان ، وابتاع منهم كثيرا ، وقوّدهم على أعماله (٢) ، فأنفت البرابر من ذلك ، وانحرفوا عنه.
وفي سنة تسع وأربعمائة قام عليه بشرق الأندلس المرتضى عبد الرحمن بن أعقاب الناصر ، لأن أهل الأندلس صعب عليهم ملك بني حمّود العلويين بسبب البرابر ، فأرادوا رجوع الإمامة إلى بني مروان ، واجتمع له أكثر ملوك الطوائف ، وكان معه حين أقبل لقرطبة منذر التجيبيّ صاحب سرقسطة وخيران العامري الصّقلبي صاحب المرية ، وانضاف إليهم جمع من الفرنج ، وتأهب القاسم والبرابرة للقائهم ، فكان من الاتفاق العجيب أن فسدت نية منذر وخيران على المرتضى ، وقالا : أرانا في الأوّل وجها ليس بالوجه الذي نراه حين اجتمع إليه الجمّ الغفير (٣) ، وهذا ماكر غير صافي النية ، فكتب خيران إلى ابن زيري الصّنهاجي المتغلب على غرناطة ـ وهو داهية البربر ـ وضمن له أنه متى قطع الطريق على المرتضى عند اجتيازه عليه إلى
__________________
(١) في ب : فاختلفت أهواء البربر.
(٢) قوّدهم على أعماله : جعلهم قادة.
(٣) الجم الغفير : العدد الكبير.