وبالجملة فهو حجة الله الظاهرة ، وآيته الباهرة ، ولا يلتفت إلى كلام من تكلم فيه ، ولله در السيوطي الحافظ! فإنه ألف «تنبيه الغبي ، على تنزيه ابن عربي» ومقام هذا الشيخ معلوم ، والتعريف به يستدعي طولا ، وهو أظهر من نار على علم.
وكان بالمغرب يعرف بابن العربي بالألف واللام ، واصطلح أهل المشرق على ذكره بغير ألف ولام ، فرقا بينه وبين القاضي أبي بكر بن العربي.
وقال ابن خاتمة في كتابه «مزية المرية» ما نصه : محمد بن علي بن محمد الطائي الصوفي ، من أهل إشبيلية ، وأصله من مرسية ، يكنى أبا بكر ، ويعرف بابن العربي ، وبالحاتمي أيضا ، أخذ عن مشيخة بلده ، ومال إلى الآداب ، وكتب لبعض الولاة بالأندلس ، ثم رحل إلى المشرق حاجّا فأدّى الفريضة ، ولم يعد بعدها إلى الأندلس ، وسمع الحديث من أبي القاسم الحرستاني (١) ومن غيره ، وسمع صحيح مسلم من الشيخ أبي الحسن بن أبي نصر في شوّال سنة ٦٠٦ ، وكان يحدّث بالإجازة العامّة عن أبي طاهر السّلفي ، ويقول بها ، وبرع في علم التصوف ، وله في ذلك تواليف كثيرة : منها «الجمع والتفصيل ، في حقائق التنزيل» و «الجذوة المقتبسة ، والخطرة المختلسة» وكتاب «كشف المعنى ، في تفسير الأسماء الحسنى» وكتاب «المعارف الإلهية» وكتاب «الإسرا إلى المقام الأسرى» (٢) وكتاب «مواقع النجوم ، ومطالع أهلة أسرار العلوم» وكتاب «عنقاء مغرب ، في صفة ختم الأولياء وشمس المغرب» وكتاب في فضائل مشيخة عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي ، والرسالة الملقبة «بمشاهد الأسرار القدسية ، ومطالع الأنوار الإلهية» في كتب أخر عديدة ، وقدم على المريّة من مرسية مستهلّ شهر رمضان سنة خمس وتسعين وخمسمائة ، وبها ألف كتابه الموسوم ب «مواقع النجوم» انتهى.
ولا خفاء أن مقام الشيخ عظم بعد انتقاله من المغرب ، وقد ذكر رحمه الله تعالى في بعض كتبه أن مولده بمرسية.
وفي الكتاب المسمى ب «الاغتباط ، بمعالجة ابن الخياط» تأليف شيخ الإسلام قاضي القضاة مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزابادي الصديقي صاحب القاموس ، قدس الله تعالى روحه! الذي ألفه بسبب سؤال سئل فيه عن الشيخ سيدي محيي الدين بن عربي الطائي قدس الله تعالى سره العزيز في كتبه المنسوبة إليه ، ما صورته :
__________________
(١) في ج : الخرستاني ، بخاء معجمة ، وهو تحريف. وأبو القاسم الحرستاني نسبة إلى حرستا وهي قرية كبيرة عامرة في وسط دمشق على طريق حمص.
(٢) الأسرى : الأفضل والأشرف.