وقال لسان الدين : أما شهرته ومحله من الإدراك والآراء والأوضاع والأسماء والوقوف على الأقوال والتعمق في الفلسفة والقيام على مذاهب المتكلمين فما يقضي منه بالعجب.
وقال الشيخ أبو البركات بن (١) الحاج البلفيقي رحمه الله تعالى : حدثني بعض أشياخنا من أهل المشرق أن الأمير أبا عبد الله بن هود سالم طاغية النصارى ، فنكث به ، ولم يف بشرطه ، فاضطره ذلك إلى مخاطبة القس الأعظم برومية ، فوكل أبا طالب بن سبعين أخا أبي محمد عبد الحق بن سبعين في التكلم عنه ، والاستظهار بين يديه ، قال : فلما بلغ ذلك الشخص رومية ، وهو بلد لا يصل إليه المسلمون ، ونظر إلى ما بيده ، وسئل عن نفسه ، فأخبر بما ينبغي ، كلّم ذلك القس من دنا منه بكلام معجم ترجم لأبي طالب بما معناه : اعلموا أن أخا هذا ليس للمسلمين اليوم أعلم بالله منه ، انتهى.
وقال غير واحد : إنه ظهر منه (٢) واشتهرت عنه أشياء كثيرة الله تعالى أعلم باستحقاقه رتبة ما ادعاه منها : فمنها قوله ـ فيما زعموا ـ وقد جرى ذكر الشيخ ولي الله سيدي أبي مدين نفعنا الله تعالى ببركاته : «شعيب عبد عمل ، ونحن عبيد حضرة» وممن حكى هذا لسان الدين في الإحاطة (٣).
وقد ذكر ابن خلدون في تاريخه الكبير في ترجمة السلطان المستنصر بالله تعالى أبي عبد الله محمد ابن السلطان زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص ملك إفريقية وما إليها : أن أهل مكة بايعوه ، وخطبوا له بعرفة ، وأرسلوا له بيعتهم ، وهي من إنشاء ابن سبعين ، وسردها ابن خلدون بجملتها ، وهي طويلة ، وفيها من البلاغة والتلاعب بأطراف الكلام ما لا مطمح وراءه ، غير أنه يشير فيها إلى أن المستنصر هو المهدي المبشر به في الأحاديث الذي يحثو المال ولا يعدّه (٤) ، وحمل حديث مسلم وغيره عليه ، وذلك ما لا يخفى ما فيه ، فليراجع كلام ابن خلدون في محله.
ولابن سبعين من رسالة : سلام عليك ورحمة الله ، سلام عليك ثم سلام مناجاتك ، سلام الله ورحمة الله الممتدة على عوالمك كلها ، السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله تعالى وبركاته ، وصلى الله عليك كصلاة إبراهيم من حيث شريعتك ، وكصلاة أعز ملائكتك من حيث حقيقتك ، وكصلاته من حيث حقه ورحمانيته السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا قياس الكمال ، ومقدمة العلم ، ونتيجة الحمد ، وبرهان المحمود ، ومن إذا نظر الذهن إليه
__________________
(١) في ب : أبو البركات بن الحاج ..
(٢) ظهر منه و : سقط من ب.
(٣) انظر الإحاطة ص ٣١٩.
(٤) يحثو المال : يصبه.