قرأ (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص : ٣٠] ، السلام عليك يا من هو الشرط في كمال الأولياء ، وأسرار مشروطات الأذكياء الأتقياء ، السلام عليك يا من جاوز في السماوات مقام الرسل والأنبياء ، وزادك رفعة واستعلاء على ذوات الملأ الأعلى ، وذكر قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (١) [الأعلى : ١] وقال بعضهم عند إيراده جملة من رسائله التي منها هذه : إنها تشتمل على ما يشهد له بتعظيم النبوة وإيثار الورع ، انتهى.
وقال بعض العلماء الأكابر ، عند تعرضه لترجمة الشيخ ابن سبعين المترجم به ، ما نصه ببعض اختصار : هو أحد المشايخ المشهورين بسعة العلم ، وتعدد المعارف ، وكثرة التصانيف ، ولد سنة ٦١٤ ، ودرس العربية والأدب بالأندلس ، ونظر في العلوم العقلية ، وأخذ عن أبي إسحاق بن دهاق ، وبرع في طريقه ، وجال في البلاد ، وقدم القاهرة ، ثم حج واستوطن مكة ، وطار صيته ، وعظم أمره ، وكثر أتباعه ، حتى إنه تلمذ له أمير مكة ، فبلغ من التعظيم الغاية ، وله كتاب «الدرج» وكتاب «السفر» وكتاب «الأبوبة اليمنية» وكتاب «الكد» وكتاب «الإحاطة» ورسائل كثيرة في الأذكار وترتيب السلوك والوصايا والمواعظ والغنائم.
ومن شعره : [البسيط]
كم ذا تموّه بالشّعبين والعلم |
|
والأمر أوضح من نار على علم (١) |
وكم تعبّر عن سلع وكاظمة |
|
وعن زرود وجيران بذي سلم |
ظللت تسأل عن نجد وأنت بها |
|
وعن تهامة ، هذا فعل متّهم |
في الحيّ حيّ سوى ليلى فتسأله |
|
عنها؟ سؤالك وهم جرّ للعدم |
ونشأ رحمه الله تعالى ترفا مبجلا في ظل جاه ونعمة (٢) ، لم تفارق معها نفسه البأو (٣) ، وكان وسيما ، جميلا ، ملوكي البزة ، عزيز النفس ، قليل التصنع ، وكان آية من الآيات في الإيثار والجود بما في يده ، رحمه الله تعالى!.
وقال في الإحاطة : للناس في أمره اختلاف بين الولاية وضدها (٤) ، ولما وجه إلى كلامه
__________________
(١) العلم : الجبل.
(٢) الترف : ذو الترف. والترف : التنعم وسعة العيش ، ومبجلا : معظما.
(٣) البأو : عزة النفس.
(٤) في الإحاطة : «وأغراض الناس في هذا الرجل متباينة بعيدة عن الاعتدال».