ُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء : ٩٠] وأمثال ذلك. فذلك كله افتراء على الله ، لأنهم يقولونه على أنه دين ، وماهية الدين أنه وضع إلهي فهو منسوب إليه ، ويحصل من تلك القضية وعيد لأمثال المشركين من كل من يتفرى على الله ما لم يقله ، فالمقول لهم ابتداء هم المشركون.
والفلاح : حصول ما قصده العامل من عمله بدون انتقاض ولا عاقبة سوء. وتقدم في طالع سورة البقرة [٥]. فنفي الفلاح هنا نفي لحصول مقصودهم من الكذب وتكذيب محمد صلىاللهعليهوسلم.
وجملة : (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) استئناف بياني ، لأن القضاء عليه بعدم الفلاح يتوجه عليه أن يسأل سائل كيف نراهم في عزة وقدرة على أذى المسلمين وصد الناس عن اتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم فيجاب السائل بأن ذلك تمتيع في الدنيا لا يعبأ به ، وإنما عدم الفلاح مظهره الآخرة ، ف (مَتاعٌ) خبر مبتدأ محذوف يعلم من الجملة السابقة ، أي أمرهم متاع.
والمتاع : المنفعة القليلة في الدنيا إذ يقيمون بكذبهم سيادتهم وعزتهم بين قومهم ثم يزول ذلك.
ومادة (متاع) مؤذنة بأنه غير دائم كما تقدم في قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) في أوائل سورة الأعراف [٢٤].
وتنكيره مؤذن بتقليله ، وتقييده بأنه في الدنيا مؤكد للزوال وللتقليل ، و (ثم) من قوله: (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) للتراخي الرتبي لأن مضمونه هو محقة أنهم لا يفلحون فهو أهم مرتبة من مضمون لا يفلحون.
والمرجع : مصدر ميمي بمعنى الرجوع. ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى وقت نفاذ حكمه المباشر فيهم.
وتقديم (إِلَيْنا) على متعلّقه وهو المرجع للاهتمام بالتذكير به واستحضاره كقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) ـ إلى قوله ـ (وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) [النور : ٣٩] ويجوز أن يكون المرجع كناية عن الموت.
وجملة : (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ) بيان لجملة : (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ). وحرف (ثم) هذا مؤكد لنظيره الذي في الجملة المبينة على أن المراد بالمرجع الحصول في نفاذ حكم الله.