والتوبة : الإقلاع عن عمل ذنب ، والعزم على أن لا يعود إليه.
و (ثم) للترتيب الرتبي ، لأن الاعتراف بفساد ما هم فيه من عبادة الأصنام أهم من طلب المغفرة ، فإنّ تصحيح العزم على عدم العودة إليها هو مسمى التوبة ، وهذا ترغيب في نبذ عبادة الأصنام وبيان لما في ذلك من الفوائد في الدنيا والآخرة.
والمتاع : اسم مصدر التمتيع لما يتمتع به ، أي ينتفع. ويطلق على منافع الدنيا. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) في سورة الأعراف [٢٤].
والحسن : تقييد لنوع المتاع بأنه الحسن في نوعه ، أي خالصا من المكدرات طويلا بقاؤه لصاحبه كما دل عليه قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). والمراد بالمتاع : الإبقاء ، أي الحياة ، والمعنى أنه لا يستأصلهم. ووصفه بالحسن لإفادة أنها حياة طيبة.
و (إِلى أَجَلٍ) متعلق ب (يُمَتِّعْكُمْ) وهو غاية للتمتيع ، وذلك موعظة وتنبيه على أن هذا المتاع له نهاية ، فعلم أنه متاع الدنيا. والمقصود بالأجل : أجل كل واحد وهو نهاية حياته ، وهذا وعد بأنه نعمة باقية طول الحياة.
وجملة : (يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) عطف على جملة : (يُمَتِّعْكُمْ). والإيتاء: الإعطاء ، وذلك يدل على أنه من المتاع الحسن ، فيعلم أنه إعطاء نعيم الآخرة. والفضل : إعطاء الخير. سمي فضلا لأن الغالب أن فاعل الخير يفعله بما هو فاضل عن حاجته ، ثم تنوسي ذلك فصار الفضل بمعنى إعطاء الخير.
والفضل الأول : العمل الصالح ، بقرينة مقابلته بفضل الله الغني عن الناس.
والفضل الثاني المضاف إلى ضمير الجلالة هو ثواب الآخرة ، بقرينة مقابلته بالمتاع في الدنيا. والمعنى : ويؤت الله فضله كلّ ذي فضل في عمله.
ولما علق الإيتاء بالفضلين علم أن مقدار الجزاء بقدر المجزي عليه ، لأنه علق بذي فضل وهو في قوة المشتق ، ففيه إشعار بالتعليل وبالتقدير. وضبط ذلك لا يعلمه إلا الله ، وهو سر بين العبد وربه. ونظير هذا مع اختلاف في التقديم والتأخير وزيادة بيان ، قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل : ٩٧].