شعيب ـ عليهالسلام ـ.
ومنه ما وقع في سورة المؤمن [٣٠ ـ ٣٣] في قوله : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ* وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ* يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) ثم قال : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ ، يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ ، مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) [غافر : ٣٨ ـ ٤١]. فعطف (ويا قوم) تارة وترك العطف أخرى.
وأما مع اختلاف الوصف المنادى به فقد جاء العطف وهو أظهر لما في اختلاف وصف المنادى من شبه التغاير كقول قيس بن عاصم ، وقيل حاتم الطائي :
أيا ابنة عبد الله وابنة مالك |
|
ويا ابنة ذي البردين والفرس الورد |
فقوله : (ويا بنت ذي البردين) عطف نداء على نداء والمنادى بهما واحد.
لما أظهر لهم نوح ـ عليهالسلام ـ أنه يجبرهم على إيمان يكرهونه انتقل إلى تقريبهم من النظر في نزاهة ما جاءهم به ، وأنه لا يريد نفعا دنيويا بأنّه لا يسألهم على ما جاء به مالا يعطونه إياه ، فما ذا يتهمونه حتّى يقطعون بكذبه.
والضمير في قوله : (عَلَيْهِ) عائد إلى المذكور بمنزلة اسم الإشارة في قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) فإن الضمير يعامل معاملة اسم الإشارة.
وجملة (إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) احتراس لأنه لمّا نفى أن يسألهم مالا ، والمال أجر ، نشأ توهّم أنه لا يسأل جزاء على الدعوة فجاء بجملة (إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) احتراسا. والمخالفة بين العبارتين في قوله : (مالاً) و (أَجرِيَ) تفيد أنه لا يسأل من الله مالا ولكنه يسأل ثوابا. والأجر : العوض على عمل. ويسمّى ثواب الله أجرا لأنّه جزاء على العمل الصالح.
وعطف جملة (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) على جملة (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً) لأنّ مضمونها كالنتيجة لمضمون المعطوف عليها لأنّ نفي طمعه في المخاطبين يقتضي أنه لا يؤذي أتباعه لأجل إرضاء هؤلاء. ولذلك عبّر عن أتباعه بطريق الموصولية بقوله : (الَّذِينَ