والشر كما تقدم.
وجملة الشرط في قوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) هي المقصود من الكلام ، فجوابها في معنى قوله : (لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي) ولكن نظم الكلام بني على الإخبار بعدم نفع النصح اهتماما بذلك فجعل معطوفا على ما قبله وأتي بالشرط قيدا له.
وأمّا قوله : (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) فهو شرط معترض بين الشرط وبين دليل جوابه لأنه ليس هو المقصود من التعليق ولكنه تعليق على تعليق ، وغير مقصود به التقييد أصلا ، فليس هذا من الشرط في الشروط المفروضة في مسائل الفقه وأصوله في نحو قول القائل : إن أكلت ، إن شربت فأنت طالق ، لأنها مفروضة في شرط مقيّد لشرط آخر. على أن المقصود إذا اجتمع فعلا الشرطين حصل مضمون جوابهما. ومثلوه بقول الشاعر :
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا |
|
منّا معاقل عزّ زانها كرم |
فأما قوله : (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) فكل من الشرطين مقصود التعليق به. وقد حذف جواب أحدهما لدلالة جواب الآخر عليه.
والتعليق بالشرط في قوله : (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) مؤذن بعزمه على تجديد النصح في المستقبل لأن واجبه هو البلاغ وإن كرهوا ذلك.
وأشار بقوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) إلى ما هم فيه من كراهية دعوة نوح ـ عليهالسلام ـ سببه خذلان الله إيّاهم ولولاه لنفعهم نصحه ، ولكن نوحا ـ عليهالسلام ـ لا يعلم مراد الله من إغوائهم ولا مدى استمرار غوايتهم فلذلك كان عليه أن ينصح لهم إلى نهاية الأمر.
وتقدم الكلام على دخول اللام على مفعول (نصح) عند قوله تعالى : (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) في براءة [٩١].
والإغواء : جعل الشخص ذا غواية ، وهي الضلال عن الحق والرشد.
وجملة (هُوَ رَبُّكُمْ) ابتدائية لتعليمهم أن الله ربهم إن كانوا لا يؤمنون بوجود الله ، أو لتذكيرهم بذلك إن كانوا يؤمنون بوجوده ويشركون معه ودّا ، وسواعا ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرا.
والتقديم في (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) للاهتمام ولرعاية الفاصلة وليس للقصر ، لأنهم لا