في الأمم محدّثون فإن يك في أمتي أحد فعمر بن الخطاب» (١). قال ابن وهب : تفسير محدّثون ملهمون الصواب ، وفي الحديث : «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» (٢). ولأجل هذا النور كان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أكمل الناس إيمانا لأنهم لما تلقوا الإيمان عن النبيصلىاللهعليهوسلم كانت أنواره السارية في نفوسهم أقوى وأوسع.
وفي العدول عن اسم الجلالة العلم إلى وصف الربوبية مضافا إلى ضمير (الَّذِينَ آمَنُوا) تنويه بشأن المؤمنين وشأن هدايتهم بأنها جعل مولى لأوليائه فشأنها أن تكون عطية كاملة مشوبة برحمة وكرامة.
والإتيان بالمضارع للدلالة على أن هذه الهداية لا تزال متكررة متجددة. وفي هذه الجملة ذكر تهيؤ نفوسهم في الدنيا لعروج مراتب الكمال.
وجملة : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) خبر ثان لذكر ما يحصل لهم من النعيم في الآخرة بسبب هدايتهم الحاصلة لهم في الدنيا. وتقدم القول في نظير (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) في سورة البقرة [٢٥]. والمراد من تحت منازلهم. والجنات تقدم. والنعيم تقدم في قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) في سورة براءة [٢١].
وجملة : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) وما عطف عليها أحوال من ضمير الَّذِينَ آمَنُوا).
والدعوى : هنا الدعاء. يقال : دعوة بالهاء ، ودعوى بألف التأنيث.
وسبحان : مصدر بمعنى التسبيح ، أي التنزيه. وقد تقدم عند قوله تعالى : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا) في سورة البقرة [٣٢].
(اللهُمَ) نداء لله تعالى ، فيكون إطلاق الدعاء على هذا التسبيح من أجل أنه أريد به خطاب الله لإنشاء تنزيهه ، فالدعاء فيه بالمعنى اللغوي. ويجوز أن تكون تسمية هذا التسبيح دعاء من حيث إنه ثناء مسوق للتعرض إلى إفاضة الرحمات والنعيم ، كما قال أمية بن أبي الصلت :
إذا أثنى عليك المرء يوما |
|
كفاه عن تعرضه الثناء |
__________________
(١) أخرجه الشيخان والترمذي. واللفظ له.
(٢) رواه الترمذي في «جامعه».