وقالوا لها هذا حبيبك معرض |
|
فقالت : ألا إعراضه أهون الخطب |
فما هي إلّا نظرة وابتسامة |
|
فتصطكّ رجلاه ويسقط للجنب |
فطرب كل من بالمجلس إلّا أبا العبّاس المبرد فلم يتحرك ، فقال له رب المنزل : ما لك لم يطربك هذا؟.
فقالت الجارية : معذور يحسبني لحنت في أن قلت : معرض ـ بالرفع ـ ولم يعلم أنّ عبد الله بن مسعود قرأ «وهذا بعلي شيخ» فطرب المبرد لهذا الجواب (١).
وجواب الملائكة إياها بجملة (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) إنكار لتعجبها لأنه تعجّب مراد منه الاستبعاد. و (أَمْرِ اللهِ) هو أمر التكوين ، أي أتعجبين من قدرة الله على خرق العادات. وجوابهم جار على ثقتهم بأن خبرهم حق منبئ عن أمر الله.
وجملة (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) تعليل لإنكار تعجبها ، لأن الإنكار في قوة النفي ، فصار المعنى : لا عجب من أمر الله لأنّ إعطاءك الولد رحمة من الله وبركة ، فلا عجب في تعلّق قدرة الله بها وأنتم أهل لتلك الرحمة والبركة فلا عجب في وقوعها عندكم.
ووجه تعليل نفي العجب بهذا أن التعجب إمّا أن يكون من صدور هذا من عند الله وإما أن يكون في تخصيص الله به إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وامرأته فكان قولهم (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) مفيدا تعليل انتفاء العجبين.
وتعريف (الْبَيْتِ) تعريف حضور ، وهو البيت الحاضر بينهم الذي جرى فيه هذا التحاور ، أي بيت إبراهيم ـ عليهالسلام ـ والمعنى أهل هذا البيت.
والمقصود من النداء التنويه بهم ويجوز كونه اختصاصا لزيادة بيان المراد من ضمير الخطاب.
وجملة (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) تعليل لتوجه رحمته وبركاته إليهم بأنّ الله يحمد من يطيعه ، وبأنّه مجيد ، أي عظيم الشأن لا حد لنعمه فلا يعظم عليه أن يعطيها ولدا ، وفي اختيار وصف الحميد من بين الأسماء الحسنى كناية عن رضي الله تعالى على إبراهيم ـ عليه
__________________
(١) رأيت هذه النادرة في الباب الثاني من كتاب «الكنايات» لأبي العباس الجرجاني طبع السعادة بالقاهرة سنة ١٣٢٦ واحسبها دخيلة فيه.