والنداء في (يا وَيْلَتى) استعارة تبعية بتنزيل الويلة منزلة من يعقل حتّى تنادى ، كأنّها تقول : يا ويلتي احضر هنا فهذا موضعك.
والويلة : الحادثة الفظيعة والفضيحة. ولعلّها المرة من الويل. وتستعمل في مقام التعجب ، يقال : يا ويلتي.
واتّفق القرّاء على قراءة (يا وَيْلَتى) ـ بفتحة مشبعة في آخره بألف ـ. والألف التي في آخر (يا وَيْلَتى) هنا يجوز كونها عوضا عن ياء المتكلم في النداء. والأظهر أنها ألف الاستغاثة الواقعة خلفا عن لام الاستغاثة. وأصله : يا لويلة. وأكثر ما تجيء هذه الألف في التعجّب بلفظ عجب ، نحو : يا عجبا ، وباسم شيء متعجب منه ، نحو : يا عشبا.
وكتب في المصحف بإمالة ولم يقرأ بالإمالة ، قال الزجاج : كتب بصورة الياء على أصل ياء المتكلم.
والاستفهام في (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) مستعمل في التعجب. وجملة (أَنَا عَجُوزٌ) في موضع الحال ، وهي مناط التعجب.
والبعل : الزوج. وسيأتي بيانه عند تفسير قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) في سورة النّور [٣١] ، فانظره.
وزادت تقرير التعجب بجملة (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) وهي جملة مؤكدة لصيغة التعجب فلذلك فصلت عن التي قبلها لكمال الاتّصال ، وكأنّها كانت متردّدة في أنهم ملائكة فلم تطمئنّ لتحقيق بشراهم.
وجملة (هذا بَعْلِي) مركبة من مبتدأ وخبر لأنّ المعنى هذا المشار إليه هو بعلي ، أي كيف يكون له ولد وهو كما ترى. وانتصب (شَيْخاً) على الحال من اسم الإشارة مبينة للمقصود من الإشارة.
وقرأ ابن مسعود وهذا بعلي شيخ ـ برفع شيخ ـ على أن (بعلي) بيان من (هذا) و (شيخ) خبر المبتدأ. ومعنى القراءتين واحد.
وقد جرت على هذه القراءة النادرة لطيفة وهي : ما أخبرنا شيخنا الأستاذ الجليل سالم أبو حاجب أنّ أبا العبّاس المبرّد دعي عند بعض الأعيان في بغداد إلى مأدبة ، فلمّا فرغوا من الطّعام غنّت من وراء الستار جارية لرب المنزل ببيتين :