واسم الإشارة إلى المذكور كلّه من القصص من قصة نوح ـ عليهالسلام ـ وما بعدها.
والأنباء : جمع نبأ ، وهو الخبر ، وتقدّم في سورة الأنعام [٣٤] في قوله : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ). وجملة (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) حال من اسم الإشارة. وعبّر بالمضارع مع أن القصص مضى لاستحضار حالة هذا القصص البليغ.
وجملة (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) معترضة. حال من (الْقُرى).
و (قائِمٌ) صفة لموصوف محذوف دلّ عليه عطف (وَحَصِيدٌ) ، والمعنى : منها زرع قائم وزرع حصيد ، وهذا تشبيه بليغ.
والقائم : الزرع المستقل على سوقه. والحصيد : الزرع المحصود ، فعيل بمعنى مفعول. وكلاهما مشبّه به للباقي من القرى والعافي. والمراد بالقائم ما كان من القرى التي قصّها الله في القرآن قرى قائما بعضها كآثار بلد فرعون كالأهرام وبلهوبة (وهو المعروف بأبي الهول) وهيكل الكرنك بمصر ، ومثل آثار نينوى بلد قوم يونس ، وأنطاكية قرية المرسلين الثلاثة ، وصنعاء بلد قوم تبّع ، وقرى بائدة مثل ديار عاد ، وقرى قوم لوط ، وقرية مدين. وليس المراد القرى المذكورة في هذه السورة خاصة. والمقصود من هذه الجملة الاعتبار.
وضمير الغيبة في (ظَلَمْناهُمْ) عائد إلى (الْقُرى) باعتبار أهلها لأنّهم المقصود.
وإنّما لم يظلمهم الله تعالى لأنّ ما أصابهم به من العذاب جزاء عن سوء أعمالهم فكانوا هم الظّالمين أنفسهم إذ جرّوا لأنفسهم العذاب.
وفرع على ظلمهم أنفسهم انتفاء إغناء آلهتهم عنهم شيئا ، ووجه ذلك الترتب والتفريع أن ظلمهم أنفسهم مظهره في عبادتهم الأصنام ، وهم لمّا عبدوها كانوا يعبدونها للخلاص من طوارق الحدثان ولتكون لهم شفعاء عند الله وكانوا في أمن من أن ينالهم بأس في الدنيا اعتمادا على دفع أصنامهم عنهم فلمّا جاء أمرهم بضد ذلك كان ذلك الضدّ مضادا لتأميلهم وتقديرهم.
والغرض من هذا التفريع التعريض بتحذير المشركين من العرب من الاعتماد على نفع الأصنام ، فقد أيقن المشركون أن أولئك الأمم كانوا يعبدون الأصنام كيف وهؤلاء اقتبسوا عبادة الأصنام من الأمم السّابقين وأيقنوا أنهم قد حلّ بهم من الاستئصال ما