شركهم ، فهي لذلك جديرة بأن تكون مقصودة بالذكر كأخواتها. وهذا أولى من أن تجعل معطوفة على جملة (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) [سورة النحل : ٥٧] التي هي في موضع الحال ، لأن ذلك يفيت قصدها بالعدّ. وهذا القصد من مقتضيات المقام وإن كان مآل الاعتبارين واحدا في حاصل المعنى.
والتّعبير عن الإعلام بازدياد الأنثى بفعل (بُشِّرَ) في موضعين لأنه كذلك في نفس الأمر إذ ازدياد المولود نعمة على الوالد لما يترقّبه من التأنّس به ومزاحه والانتفاع بخدمته وإعانته عند الاحتياج إليه ، ولما فيه من تكثير نسل القبيلة الموجب عزّتها ، وآصرة الصهر. ثم إن هذا مع كونه بشارة في نفس الأمر فالتّعبير به يفيد تعريضا بالتهكّم بهم إذ يعدون البشارة مصيبة وذلك من تحريفهم الحقائق. والتّعريض من أقسام الكناية والكناية تجامع الحقيقة.
والباء في (بِالْأُنْثى) لتعدية فعل البشارة وعلّقت بذات الأنثى. والمراد ؛ بولادتها ، فهو على حذف مضاف معلوم.
وفعل (ظَلَ) من أفعال الكون أخوات كان التي تدلّ على اتّصاف فاعلها بحالة لازمة فلذلك تقتضي فاعلا مرفوعا يدعى اسما وحالا لازما له منصوبا يدعى خبرا لأنه شبيه بخبر المبتدأ. وسمّاها النّحاة لذلك نواسخ لأنها تعمل فيما لولاها لكان مبتدأ وخبرا فلما تغيّر معها حكم الخبر سمّيت ناسخة لرفعه ، كما سميت (إنّ) وأخواتها و (ظنّ) وأخواتها كذلك. وهو اصطلاح تقريبي وليس برشيق.
ويستعمل (ظَلَ) بمعنى صار. وهو المراد هنا.
واسوداد الوجه : مستعمل في لون وجه الكئيب إذ ترهقه غبرة ، فشبّهت بالسّواد مبالغة.
والكظيم : الغضبان المملوء حنقا. وتقدم في قوله تعالى : (فَهُوَ كَظِيمٌ) في سورة يوسف [٨٤] ، أي أصبح حنقا على امرأته. وهذا من جاهليتهم الجهلاء وظلمهم ، إذ يعاملون المرأة معاملة من لو كانت ولادة الذكور باختيارها ، ولما ذا لا يحنق على نفسه إذ يلقح امرأته بأنثى ، قالت إحدى نسائهم أنشده الأصمعي تذكر بعلها وقد هجرها لأنها تلد البنات :
يغضب إن لم نلد البنينا |
|
وإنما نعطي الذي أعطينا |