وبيوت : يجوز فيه ضمّ الموحدة وكسرها ، وهو جمع بيت. وضمّ الموحّدة هو القياس لأنه على وزن فعول ، وهو مطرد في جمع فعل ـ بفتح الفاء وسكون العين ـ. وأما لغة ـ كسر الباء ـ فلمناسبة وقوع الياء التحتية بعد الموحّدة المضمومة ، لأن الانتقال من حركة الضمّ إلى النّطق بالياء ثقيل. وقال الزجاج : أكثر النحويين لا يعرفون الكسر (أي لا يعرفونه لغة) وبيّن أبو عليّ جوازه. وتقدم في سورة البقرة.
وبالكسر قرأ الجمهور. وقرأها بالضمّ أبو عمرو وورش عن نافع وحفص عن عاصم.
والبيت : مكان يجعل له بناء وفسطاط يحيط به يعين مكانه ليتّخذه جاعله مقرا يأوي إليه ويستكنّ به من الحرّ والقرّ. وقد يكون محيطه من حجر وطين ويسمّى جدارا ، أو من أخشاب أو قصب أو غير ذلك وتسمّى أيضا الأخصاص. ويوضع فوق محيطه غطاء ساتر من أعلاه يسمّى السقف ، يتّخذ من أعواد ويطيّن عليها ، وهذه بيوت أهل المدن والقرى.
وقد يكون المحيط بالبيت متّخذا من أديم مدبوغ ويسمى القبّة ، أو من أثواب تنسج من وبر أو شعر أو صوف ويسمّى الخيمة أو الخباء ، وكلّها يكون بشكل قريب من الهرميّ تلتقي شقّتاه أو شققه من أعلاه معتمدة على عمود وتنحدر منه متّسعة على شكل مخروط.
وهذه بيوت الأعراب في البوادي أهل الإبل والغنم يتّخذونها لأنها أسعد لهم في انتجاعهم ، فينقلونها معهم إذا انتقلوا يتتبّعون مواقع الكلأ لأنعامهم والكمأة لعيشهم. وقد تقدّم ذكر البيت عند قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) في سورة البقرة [١٢٥].
و (جَعَلَ) هنا بمعنى أوجد ، فتتعدّى إلى مفعول واحد.
والسكن : اسم بمعنى المسكون. والسكنى : مصدر سكن فلان البيت ، إذا جعله مقرّا له ، وهو مشتقّ من السكون ، أي القرار.
وانتصب قوله تعالى : (سَكَناً) على المفعولية ل (جَعَلَ).
وقوله : (مِنْ بُيُوتِكُمْ) بيان للسكن ، فتكون (مِنْ) بيانية ، أو تجعل ابتدائية ويكون الكلام من قبيل التجريد بتنزيل البيوت منزلة شيء آخر غير السكن ، كقولهم : لئن لقيت فلانا لتلقينّ منه بحرا. وأصل التركيب : والله جعل لكم بيوتكم سكنا.
وقيل : إن (سَكَناً) مصدر وهو قول ضعيف ، وعليه فيكون الامتنان بالإلهام الذي