القراءة. ونسب إلى مالك في المجموعة. والصحيح عن مالك خلافه ، ونسب إلى النخعي وابن سيرين وداود الظاهري وروي عن أبي هريرة.
والباء في (بِاللهِ) لتعدية فعل الاستعاذة. يقال : عاذ بحصن ، وعاذ بالحرم.
والسين في (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) للطلب ، أي فاطلب العوذ بالله من الشيطان ، والعوذ: اللجأ إلى ما يعصم ويقي من أمر مضرّ.
ومعنى طلب العوذ بالله محاولة العوذ به. ولا يتصوّر ذلك في جانب الله إلا بالدعاء أن يعيذه. ومن أحسن الامتثال محاكاة صيغة الأمر فيما هو من قبيل الأقوال بحيث لا يغيّر إلا التغيير الذي لا مناص منه فتكون محاكاة لفظ «استعذ» بما يدلّ على طلب العوذ بأن يقال : أستعيذ ، أو أعوذ ، فاختير لفظ أعوذ لأنه من صيغ الإنشاء ، ففيه إنشاء الطلب بخلاف لفظ أستعيذ فإنه أخفى في إنشاء الطلب ، على أنه اقتداء بما في الآية الأخرى (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) [سورة المؤمنون : ٩٧] وأبقي ما عدا ذلك من ألفاظ آية الاستعاذة على حاله. وهذا أبدع الامتثال ، فقد ورد في عمل النبي صلىاللهعليهوسلم بهذا الأمر أنه كان يقول : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» يحاكي لفظ هذه الآية ولم يقل في الاستعاذة (أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) لأن ذلك في غير قراءة القرآن ، فلذلك لم يحاكه النبي صلىاللهعليهوسلم في استعاذته للقراءة.
قال ابن عطية : لم يصح عن النبي زيادة على هذا اللفظ. وما يروى من الزيادات لم يصحّ منه شيء. وجاء حديث الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : «كان رسول الله إذا قام من الليل يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه إلخ». فتلك استعاذة تعوّذ وليست الاستعاذة لأجل قراءة القرآن.
واسم الشيطان تقدم عند قوله تعالى : (إِلى شَياطِينِهِمْ) في سورة البقرة [١٤].
و (الرَّجِيمِ) تقدم عند قوله تعالى : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) في سورة الحجر [١٧].
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد عمومه لأمّته بقرينة قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
وإنما شرعت الاستعاذة عند ابتداء القراءة إيذانا بنفاسة القرآن ونزاهته ، إذ هو نازل من العالم القدسي الملكي ، فجعل افتتاح قراءته بالتجرّد عن النقائص النفسانية التي هي من