تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (١) ولا نعرف وسيلة أشرف من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) ، ولهم الولاية التكوينية كما ثبتت لسائر الأنبياء ، وهم أفضل من سائر الأنبياء ، والحكمة اقتضت ذلك حيث انّهم ربّما يتصرّفون تصرّفاً تكوينياً لدفع كيد من يريد الإساءة للدين وللمسلمين ، وإنّما يمتازون عن سائر الأنبياء من حيث انّ الأنبياء يثبتون نبوّتهم بالمعجزة وخرق العادة ، بخلاف الأئمة (عليهم السّلام) فإنّ إمامتهم ثبتت بتعيين رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهم باب ابتلي به الناس بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما ورد في الزيارة الجامعة ، ولذا قلَّت تصرّفاتهم التكوينية ولم يتصرّفوا باقتراح من الناس ، بل كانوا يفعلون في موارد قليلة لاقتضاء الحكمة والضرورة لإبطال قول مدّعي النبوّة أو الإمامة ، ونحو ذلك ، كما أوضحناه في بعض الاستفتاءات ، والله العالم.
هل يجوز أن نقول : إنّ الله عزّ وجلّ قد فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) بعض شؤونه؟ وعلى فرض صحّة ذلك القول ، فما هو الفرق بين التفويض الباطل والتفويض الصحيح؟
باسمه تعالى قد ذكرنا أنّ مذهب التفويض باطل ، قال الله تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (٢) ، والله العالم.
ما هو حدّ الغلو ، وهل تصحّ عقيدة المؤمن إذا اعتقد أن للأئمة (عليهم السّلام) مقاماً لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل؟ وعموماً إذا اعتقد بالمضامين التي جاءت في الزيارة الجامعة الكبيرة ، وهل يشمل اللعن في قوله تعالى (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداه مَبْسُوطَتانِ) القائلين أنّ الله فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) الأحكام الشرعية وشؤون الخلق والرزق ، مع إقرارهم وإذعانهم بأنّ كلّ ذلك من الله
__________________
١) سورة المائدة : الآية ٣٥.
٢) سورة المائدة : الآية ٣٥.