الموعظة ، جعلنا الله وإيّاكم من المتّقين برحمته.
جاءني كتابك فقرأته وفهمت الذي فيه ، فحمدت الله على سلامتك وعافية الله إيّاك ، ألبسنا الله وإيّاك عافية في الدنيا والآخرة.
كتبت تذكر أنّ قوماً أنا أعرفهم كان أعجبك نحوهم وشأنهم وأنّك اُبلغت عنهم اُموراً تروى عنهم (١) كرهتها لهم ، ولم تر منهم إلاّ هدياً حسناً ، وورعاً وتخشّعاً.
وبلغك أنّهم يزعمون أنّ الدين إنّما هو معرفة الرجال ، ثمّ من بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل (٢) ما شئت.
وذكرت أنّك قد عرفت أنّ أصل الدين معرفة الرجال ، وفّقك الله.
وذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الصلاة ، والزكاة ، وصوم شهر رمضان ، والحج ، والعمرة ، والمسجد الحرام ، والبيت الحرام ، والمشعر الحرام ، والشهر الحرام هم رجال ، وأنّ الطهر والاغتسال من الجنابة هو رجل ، وكلّ فريضة افترضها الله عزّ وجلّ على عباده فهي رجال.
وأنّهم ذكروا ذلك بزعمهم أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل ، وقد صلّى وآتى الزكاة ، وصام ، وحج ، واعتمر ، واغتسل من الجنابة وتطهّر ، وعظّم حرمات الله ، والشهر الحرام ، والمسجد الحرام ، والبيت الحرام.
وأنّهم ذكروا أنّ من عرف هذا بعينه وبحدّه وثبت في قلبه جاز له أن يتهاون بالعمل ، وليس عليه أن يجتهد في العمل ، وزعموا أنّهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها ، وإن هم لم يعملوا بها.
__________________
١ ـ في نسخة « س و ض » : يروونها عليهم ، بدل : تروى عنهم.
٢ ـ في نسخة « س و ض » : فافعل.