الإسلام وارجاء مفترض القرآن ، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.
ثمّ إنّ الله تعالى خصّكم بالإسلام ، واستخلصكم له ؛ لأنّه اسم سلامة ، وجماع كرامة ، اصطفى الله تعالى منهجه ، وبيّن حججه ، أرّف (١) اُرفه وحدّه ، ووصفه وجعله رضاً كما وصفه ، ووصف أخلاقه ، وبيّن أطباقه ، ووكّد ميثاقه من ظهر وبطن ، ذي حلاوة وأمن ، فمن ظفر بظاهره ، رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره ، ومن فطن لما بطن ، رأى مكنون الفطن ، وعجائب الأمثال والسنن.
فظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه ، فيه ينابيع النعم ، ومصابيح الظلم ، لا تفتح الخيرات إلاّ بمفاتيحه ، ولا تنكشف الظلمات إلاّ بمصابيحه ، فيه تفصيل وتوصيل ، وبيان الإسمين الأعلين اللذَين جُمعا فاجتمعا ، لا يصلحان إلاّ معاً ، يسمّيان فيعرفان ، ويوصفان فيجتمعان ، قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما ، جرى بهما ، ولهما نجوم ، وعلى نجومهما نجوم سواهما ، تحمي حماه ، وترعى مراعيه ، وفي القرآن بيانه وحدوده وأركانه ، ومواضع تقادير ما خزن بخزائنه ، ووزن بميزانه ، ميزان العدل وحكم الفصل.
إنّ رعاة الدين فرّقوا بين الشكّ واليقين ، وجاؤا بالحقّ المبين ، قد بيّنوا الإسلام تبياناً ، وأسّسوا له أساساً وأركاناً ، وجاؤا على ذلك شهوداً وبرهاناً ، من علامات وامارات ، فيها كفاء لمكتف ، وشفاء لمشتف ، يحمون حماه ، ويرعون مرعاه ، ويصونون مصونه ، ويهجرون مهجوره ، ويحبّون محبوبه ، بحكم الله وبرّه ، وبعظيم أمره وذكره ، بما يجب أن يذكر به ، يتواصلون بالولاية ، ويتلاقون بحسن اللهجة (٢) ،
__________________
١ ـ الاُرفة : الحد ، والجمع اُرف. الصحاح ٤ : ١٣٣٠ ـ أرف.
٢ ـ في نسخة « س » : البهجة.