ويتساقون بكأس الرويّة ، ويتراعون بحسن الرعاية ، ويصدرون بصدور بريّة ، وأخلاق سنيّة لم يؤلم عليها ، وبقلوب رضيّة لا تتسرّب (١) فيها الدنيّة ، ولا تشرع (٢) فيها الغيبة (٣).
فمن استبطن من ذلك شيئاً استبطن خلقاً سنيّاً (٤) ، وقطع أصله ، واستبدل منزله بنقضه مبرماً ، واستحلاله محرّماً ، من عهد معهود إليه ، وعقد معقود عليه ، بالبرّ والتقوى ، وإيثار سبيل الهدى ، على ذلك عقد خلقهم ، وآخا اُلفتهم ، فعليه يتحابّون ، وبه يتواصلون ، فكانوا كالزرع وتفاضله ، يبقى فيؤخذ منه ، ويفنى ببقية التخصيص ، ويبلغ منه التخليص ، فلينظر امرؤ في قصر أيّامه ، وقلّة مقامه في منزل ، حتى يستبدل منزلاً ليضع متحوّله ومعارف منتقله.
فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه ، وتجنّب ما يُرديه ، فيدخل مدخل الكرامة ، وأصاب سبيل السلامة ، يبصر ببصره ، وأطاع هادي أمره ، دُلّ أفضل الدلالة ، وكشف غطاء الجهالة المضلّة الملهية ، فمن أراد تفكّراً أو تذكّراً فليذكر رأيه ، وليبرز (٥) بالهدى ، ما لم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه ، وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع ، بسلامة الإسلام ودعاء التمام ، وسلام بسلام ، تحيّة دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالإيمان ، ويتعارف عدل الميزان ، فليقبل أمره وإكرامه بقبول ، وليحذر قارعة قبل حلولها.
__________________
١ ـ في نسختي « س و ض » : لا تشوب.
٢ ـ في نسخة « س » : ولا تسرع.
٣ ـ في نسخة « ض » : الغبيّة.
٤ ـ في نسخة « س » : سيّئاً.
٥ ـ في نسخة « س و ض » : ولينظر.