وأمّا الدلالة فيلاحظ عليها أنّها مبنيّة على مساواة الاجتهاد بالقياس أو شموله له ، وكلا الأمرين ممنوعان ، بل الظاهر أنّ المراد من الاجتهاد هو الاجتهاد في كتاب الله وسنّة رسوله حتّى يتوصّل إلى حكم الله عن طريقهما.
فإن قلت : لا يصحّ تفسير الاجتهاد في الحديث ، بالاجتهاد في كتاب الله وسنّة رسوله ، لأنّ المفروض أنّه إنّما ينتهي إلى الاجتهاد بعد ما لم يجد حكم الموضوع في كتاب الله وسنّة رسوله ، وعندئذ لا معنى أن يفسّر قوله : «اجتهد رأيي» أي اجتهد في كتاب الله وسنّة رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
قلت : الأحكام الواردة في القرآن والسنّة على قسمين :
قسم موجود في ظواهر الكتاب والسنّة ولا يحتاج في الوقوف عليه إلى بذل الجهد ، بل يعرفه كلّ من يعرف اللغة.
وقسم منه غير موجود في ظواهر الكتاب والسنّة لكن يمكن التوصّل إليها عن طريقهما بالتدبّر فيهما ، وهذا هو الاجتهاد الدارج بين العلماء. فأين هذا من القياس الّذي ورد فيه النصّ على حكم الأصل دون الفرع؟!
قال المرتضى : لا ينكر أن يكون معنى قوله : «أجتهد رأيي» أي أجتهد حتّى أجد حكم الله تعالى في الحادثة ، من الكتاب والسنّة ، إذ كان في أحكام الله فيهما ما لا يتوصّل إليه إلّا بالاجتهاد ، ولا يوجد في ظواهر النصوص فادّعاؤهم أنّ إلحاق الفروع بالأُصول في الحكم لعلّة يستخرجها القياس ، هو الاجتهاد الّذي عناه في الخبر ، ممّا لا دليل عليه ولا سبيل إلى تصحيحه. (١)
والحاصل : أنّ الاستدلال بالحديث مبني على اختصاص الاجتهاد بالقياس
__________________
(١) الذريعة : ٧٧٦ / ٢.