آخر له مساس واضح بما في ذلك الباب وهو : تجويز الحيل الشرعية للتخلّص عن ألم المآزق الشرعية. وهذا ما يعبّر عنه بالحيل الشرعية الّتي أفاض الفقهاء فيه في مختلف الأبواب. ونعم ما قال الأُستاذ المعاصر : ويجب العلماء على أصل «سدّ الذرائع» منعَ الحيل في الشريعة الإسلامية. (١)
الثاني : انّ إعمال الحيل الشرعية لم يزل موجوداً من عصر النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أو بعد رحيله إلى زماننا هذا ، وصار ذلك سبباً لفتح باب خاص له يسمّى الحيل الشرعية من غير فرق بين السنّة والشيعة.
أمّا الشيعة فقد بحثوا فيه بعد الفراغ من كتاب الطلاق ، فهذا هو المحقّق الحلي صاحب الشرائع وشرّاحه (٢) أفاضوا الكلام في إعمال الحيل جوازاً أو منعاً أو تفصيلاً.
وأمّا السنّة فممّن كتب فيه بنفس طويل هو ابن القيم فقد خصّص الجزء الثالث وقسماً من الرابع من كتابه «إعلام الموقعين» لقاعدة الحيل وضرب لها أمثلة كثيرة تناهز ١١٦ مثالاً ، وقد استغرق بحثه من كتابه حول هذه القاعدة ٣٥١ صفحة.
فلو كانت المالكية والحنابلة من الدعاة إلى سدّ الذرائع فتكونان بالطبع من دعاة تحريم فتح الذرائع.
الثالث : إنّ الحنابلة من المتحمّسين لمنع هذه القاعدة ، ثمّ المالكية ، كما أنّ الحنفية من المتحمّسين لتجويزها ، ولمّا كان البخاري مخالفاً لأبي حنيفة مع أنّه
__________________
(١) (أُصول الفقه الإسلامي : ٩١١ / ٢.)
(٢) مسالك الأفهام : ٣٣٤ / ٣ وج ٢٠٣ / ٩ ؛ مجمع الفائدة : ٤٨٨ / ٨ ؛ الحدائق : ٣٧٥ / ٢٥ ؛ والجواهر : ٢٠١ / ٣٢ ، إلى غير ذلك من المصادر الفقهية.