فاذن القول بافتقار التخصيص إلى المخصّص ، يمنع من تعليل أحكامه تعالى بالمصالح ، وأمّا مع عدم احتياج التخصيص إلى المخصص فامتناع القول بتعليل أفعاله وأحكامه بالمصالح ظاهر.
وأيضا فإنّ هذا يدلّ على امتناع تعليل أفعاله بالمصالح ، وهو من وجوه (١) :
الأوّل : أنّه تعالى خلق أفعال العباد ، فلا يراعي في أفعاله المصالح وبيان الأولى من وجوه :
أ. أنّ العبد لو كان موجدا لأفعاله لكان عالما بتفاصيلها ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ فعله واقع على كيف وكم مخصوصين مع جواز وقوعه على غيرهما ، ولا بدّ لذلك الاختصاص من مخصّص ، وإلّا لزم القدح في إثبات الصانع ، إذ المقتضي للعلم به اختصاص حدوث العالم بوقت وقدر معينين مع جواز وقوع غيرهما ، والتخصيص مسبوق بالعلم ، لأنّه عبارة عن قصد إيقاعه على ذلك الوجه ، والقصد إلى إيقاعه كذلك مشروط بالعلم بذلك الوجه ، لاستحالة قصد الغافل.
وأمّا بطلان التالي أنّ الفعل يصدر من النائم مع عدم خطور شيء من التفاصيل بباله ، بل الغافل يفعل أمورا كثيرة لا يعلمها ، كالبطء في الحركة فإنّه إن كان عبارة عن تحلّل السكنات ، فالفاعل للحركة البطيئة يفعل حركة
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٣٣٤ ـ ٣٤١.