المؤثر إن كان هو الله تعالى انتفت حكمته ، وهو محال.
سلّمنا لكن المخالفة لنهي الشرع إن لم يكن متعلّق القدرة والمؤثر امتنع اللوم والذنب على العبد وبطل التكليف ، وإلّا عاد الإشكال. وإذا لم يجب ملازمة الحكمة لأفعاله ، بل فيما عدا الشرور لم يحصل الظن برعاية هذه الحكمة لجواز إلحاقها بالشرور في عدم مراعاتها أو في نفسها ، وتجويز كون الشرور لحكم ، وكذا المعاصي وأنواع الظلم والكفر ، يخرجها عن حقائقها ، وهو غير محلّ النزاع.
بل الحق في الجواب أن يقول : لا نسلّم استناد الأفعال إليه تعالى ولا يستلزم الفعل العلم مفصّلا ، بل ولا مجملا ، فإنّ العلل مؤثّرة وفاعلة لآثارها مع انتفاء الشعور ، نعم الفاعل بالقصد لا بدّ وأن يكون عالما لكن لا يجب التفصيل في علمه ، بل الشرط تعلّق العلم بما تعلّق به الاختيار ، والاختيار إنّما يتعلّق به على الإجمال لا التفصيل ، فإن تعلّق به على التفصيل وجب فيه العلم كذلك وقدرة العبد مع قدرته تعالى لا يستلزم وقوع الفعل منهما ، لعدم استلزام القدرة التأثير ، ونمنع عدم الأولوية لإمكان تخصيص استناد الوقوع إلى الله تعالى ، لأنّه أقوى. وهذا دليل أخذه الأشاعرة من المتكلّمين في الوحدانية ، وهو هناك يتمشّى ولا يتمشّى هنا. ولا يلزم من قدرته تعالى على شيء عموم قدرته ، ولا يلزم من الوجوب المستند إلى مجموع القدرة والداعي الجبر ، على ما سلف ، ووجوب المعرفة عقلي والترك مقدور وهو إمّا نفس اللايفعل أو أن يفعل الترك.