الثاني : المعوّل في العمل بالقياس وإثباته على عمل الصحابة ، ولم يثبت عنهم التمسّك بالشبه.
واعلم انّا لمّا بيّنّا أنّ المناسبة لا تصلح دليلا على العلّيّة ، فالشبه أولى بالمنع.
وذهب جماعة (١) إلى أنّه يفيد العلّيّة ، لأنّه يفيد ظنّ العلّيّة ، لأنّه لمّا استلزم العلّة كان الاشتراك فيه يفيد الاشتراك في العلّة.
وعلى التفسير الآخر لمّا ثبت احتياج الحكم إلى علّة ، فهي إمّا هذا الوصف ، أو غيره. ثمّ رأينا جنس هذا الوصف أثر في جنس ذلك الحكم ، ولم يوجد هذا المعنى في باقي الأوصاف حصل ميل القلب إلى اسناد الحكم إلى ذلك الوصف أقوى من مثله إلى اسناده إلى غير ذلك الوصف ؛ وإذا ثبت الظنّ وجب أن يكون حجّة ، لوجوب العمل بالظنّ.
واعترض (٢) على الأوّل : بمنع ردّ الوصف لو لم يكن مناسبا ، بل إذا كان مستلزما للمناسب ، أو عرف بالنصّ تأثير الجنس القريب لذلك الحكم لم يكن مردودا فإنّه المتنازع.
وعلى الثاني : بالتعويل في إثبات هذا النوع من القياس على عموم [قوله تعالى:] (فَاعْتَبِرُوا)(٣) أو على أنّه يجب العمل بالظن.
__________________
(١) منهم : الرازي في المحصول : ٢ / ٣٤٥.
(٢) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣٤٦.
(٣) الحشر : ٢.