كلّ ذلك يعرب عن أنّ الاستعلام يمثّل حكمة الحكم لا علّته ، فليس الحكم دائرا مداره.
قال أبو زهرة : الفارق بين العلّة والحكمة ، هو أنّ الحكمة غير منضبطة ، بمعنى أنّها وصف مناسب للحكم يتحقّق في أكثر الأحوال ، وأمّا العلّة فهي وصف ظاهر منضبط محدود ، أقامه الشارع أمارة على الحكم. (١)
ومن ذلك يعلم فساد من حرّم المتعة أو الزواج المؤقّت بتوهّم أنّ الهدف من تشريع النكاح هو تكون الأسرة وإيجاد النسل وهو يختص بالنكاح الدائم دون المنقطع الّذي لا يترتّب عليه سوى الاستجابة للغريزة الجنسية وصبّ الماء وسفحه.
قال الدكتور الدريني : شرّع النكاح في الإسلام لمقاصد أساسية قد نصّ عليها القرآن الكريم صراحة ترجع كلّها إلى تكوين الأسرة الفاضلة الّتي تشكّل النواة الأولى للمجتمع الإسلامي بخصائصه الذاتية من العفّة والطهر والولاية والنصرة والتكافل الاجتماعي ، ثمّ يقول : إنّ الله إذ يربط الزواج بغريزة الجنس لم يكن ليقصد مجرّد قضاء الشهوة ، بل قصد أن يكون على النحو الّذي يحقّق ذلك المقصد بخصائصه من تكوين الأسرة الّتي شرع أحكامها التفصيلية في القرآن الكريم.
وعلى هذا الأساس فإنّ الاستمتاع مجرّدا عن الإنجاب وبناء الأسرة ، يحبط مقصد الشارع من كلّ أصل تشريع النكاح. (٢)
__________________
(١) أصول الفقه : ٢٢٣ ، ولاحظ أيضا ص ٢٣٣ منه.
(٢) الدكتور الدريني في تقديمه لكتاب «الأصل في الأشياء الحلية».