المجتهد فساد هذه العلّة بسبب التطوع ، وأن ينقدح له أنّ التطوع ورد مستثنى رخصة لتكثير النوافل ، فإنّ الشرع قد سامح في النفل بما لا يسامح به في الفرض. والمخيل الّذي ذكرناه يستعمل في الفرض ، ويكون وصف الفرضية فاصلا بين مجرى العلّة وموقعها ، ويكون ذلك وصفا شبهيا اعتبر في استعمال المخيل ، وتميّز بمجراه عن موقعه. ومن أنكر قياس الشبه جوّز الاحتراز عن النقض بمثل هذا الوصف الشبهي ، فأكثر العلل المخيلة خصّص الشرع اعتبارها بمواضع لا ينقدح في تعيين المحل معنى مناسب على قانون أصل العلّة. وهذا التردّد إنّما ينقدح في معنى مؤثر لا يحتاج إلى شهادة الأصل ، فإنّ مقدّمات هذا القياس مؤثّرة بالاتّفاق من قولنا : إنّ كلّ صوم واجب ، وإنّ النيّة عزم لا ينعطف على الماضي ، وإنّ الصوم لا يصحّ إلّا بالنيّة.
ب. أن ينتفي حكم العلّة لا لخلل في نفس العلّة ، بل لمعارضة علّة أخرى ، كعلّيّة ملك الأم في رق الولد ، ولا ينتقض بالمغرور بحرية الجارية كما تقدّم.
ج. أن يكون النقض مائلا عن صوب جريان العلّة ، ويكون تخلّف الحكم لا لخلل في ركن العلّة ، لكن لعدم مصادفتها محلّها ، أو شرطها ، أو أهلها ؛ كقولنا : السرقة علّة القطع ، وقد وجدت في النبّاش فيجب القطع. فقيل يبطل بسرقة ما دون النصاب ، وبسرقة الصبي ، ومن غير حرز.