اعترض بأنّهم تعرضوا للإبطال لا للترجيح ، ولو سلّم فللإجماع على اتحاد العلّة هنا.
وأعلم أنّ القاضي أبا بكر جوّز في المنصوصة دون المستنبطة ، وهو قول الغزالي (١) ، لأنّ المستنبطة تستلزم الحرمة (٢) لدفع التحكم (٣) ، فإن عيّنت بالنص رجعت منصوصة.
واعترض : بأنّه يثبت الحكم في أفرادها فيستنبط القائس (٤).
وقال آخرون : يجوز في المستنبطة دون المنصوصة ، لأنّ المنصوصة قطعية والمستنبطة وهمية ، فلا يجوز التعدّد في الأولى كالعقلية ، ويجوز في الثانية لتساوي إمكان التعليل بالنسبة إليهما ، لأنّه لا يمكن أن لا يجعل شيء منهما علّة لبقاء الحكم بلا علة ولا أن يجعل الكلّ علّة واحدة لثبوت الاستقلال في محال افرادها ، فتعيّن أن يجعل كلّ منهما علّة.
والجواب كما تقدم من أنّه لا يعد في المنصوصة ، لأنّ كون المنصوصة قطعية لا ينافي اجتماعها ، لأنّها أمارات.
وقال الجويني : إنّه جائز لكنّه لم يقع ، لأنّه لو لم يكن تعليل الحكمين بعلّتين ممتنعا شرعا لوقع عادة ولو نادرا ، لأنّه ممكن ولو وقع لعلم ، ولكنّه لم يعلم فلا يكون واقعا. وزعم أنّ هذا برهان قاطع واضح لكلّ أحد ، وهو ممنوع بكثير من الوقائع الّتي وقعت ولم يعلم ، وبعدم استلزام الإمكان الوقوع.
__________________
(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٥٨.
(٢) في «ب» : الجزئية.
(٣) في «أ» : الحكم.
(٤) في «ب» : العكس ، وفي «ج» : العاكس.