واعلم أنّ القائلين بالوقوع اختلفوا فيما إذا اجتمعت ، فقال قوم : إنّ كلّ واحد علّة مستقلة حالة الاجتماع كما لو انفردت ، وقال آخرون : إنّها جزء العلّة ، وقال قوم : إنّ العلّة واحدة لا بعينها.
احتجّ الأوّلون بأنّه لو لم يكن كلّ واحدة علّة فإمّا أن تكون العلّة هي المجموع أو واحدة منها لا بعينها ، أو واحدة معيّنة.
والكلّ باطل ؛ أمّا الأوّل فلأنّ التقدير أنّ كلّ واحدة علّة مستقلّة فكيف يكون جزءا؟!
وأمّا الثاني والثالث فلأنّه تحكّم محض.
واحتجّ الآخرون بأنّه لو كان كلّ واحد علّة لزم اجتماع المثلين ، لاستلزام كلّ منهما حكما مساويا لما تستلزمه الأخرى ، ولأنّ الحكم إن ثبت بالجميع فالمطلوب ، وإلّا لزم التحكّم.
واحتجّ الفريق الثالث بأنّه لو لم تكن العلّة واحدة لا بعينها لزم إمّا أن تكون العلّة واحدة معيّنة وهو تحكم ، أو كون العلّة المجموع وهو باطل ، لأنّه يلزم كون كلّ واحد جزءا ، فيتعيّن المطلوب.
قال أبو الحسين (١) : إذا علّل حكم الأصل بعلّتين ، فإمّا أن تكون إحداهما هي الدليل على حكم الأصل أو لا ، بل يكون الدليل نصا أو إجماعا. والثاني يجوز أن يصحا معا ، لأنّ العلّة إمّا أمارة ويجوز أن يدلّ على
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٢٦٧.