الحاجة ، والحاجة خفية لا يعرف مقدارها إلّا بمشقة عظيمة فلا تكون واجبة ، لقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١).
الرابع : استقراء الشريعة يدلّ على أنّ الحكم معلّل بالأوصاف لا بالحكم ؛ لأنّا لو فرضنا حصول الأوصاف كالنكاح والبيع والهبة والعارية عارية عن المصالح ، استندت الأحكام إليها ؛ ولو فرضنا حصول المصالح دون هذه الأوصاف لم تثبت بها الأحكام الملاءمة لها ، وهو يدلّ على امتناع التعليل بالحكم.
الخامس : الدليل ينفي التمسّك بالعلّة المظنونة ، لقوله (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢) خالفناه في الوصف الجلي لظهوره ، والحاجة ليست كذلك فتبقى على الأصل.
السادس : الحكمة تابعة للحكم ، لأنّ حصول الزجر تابع لحصول القصاص ، وعلّة الشيء يستحيل تأخّرها عن الشيء فالحكمة ليست علة.
والجواب عن الأوّل (٣). لا نزاع في أنّ المناسبة طريق إلى علّة الوصف بمعنى أنّا نستدلّ باشتمال الوصف على المصلحة على كونه علّة ؛ فإن كان دليل العلّية اشتماله على كلّ مصلحة ، وجب كون كلّ وصف
__________________
(١) الحج : ٧٨.
(٢) النجم : ٢٨.
(٣) ذكر الرازي الأجوبة في المحصول : ٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٢.