عدم الحكم بعدم علّته أقوى من تعليله بوجود المانع ؛ والأقوى راجح فلا يجوز تعليل عدم الحكم بالمانع وإن كان ظنّ عدم العلّة أظهر ، فالتقريب (١) أقوى. وإن كان مرجوحا بالنسبة إلى وجود المانع فظنّ العدم إنّما يكون مرجوحا لو كان ظنّ الوجود راجحا ، وهو يدلّ على توقّف التعليل بالمانع على رجحان وجود المقتضي ، وهو المطلوب.
الثالث. التعليل بالمانع يتوقّف على وجود المقتضي عرفا ، لأنّ من قال : «الطير إنّما لا يطير لأنّ القفص منعه» كان تعليله موقوفا على العلم بحياة الطير وقدرته ، إذ بتقدير موته يمتنع التعليل بالقفص ، فكذا شرعا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح» (٢).
الرابع. عدم المقتضي مستلزم لعدم الحكم ، فلو حصل عدم المقتضي امتنع استناد ذلك العدم إلى وجود المانع ، لأنّ تحصيل الحاصل محال ، فثبت أنّه لا بدّ من وجود المقتضي.
وأجيب عن الأوّل. بأنّ العلّة الشرعية معرّفة فيجوز تأخيرها.
قوله : إنّما يصير الحكم شرعيا إذا كانت بحيث لو سكت الشرع لثبت.
__________________
(١) في المحصول : ٢ / ٤١١ : فالتقدير.
(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ٧٨ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١٧٧ ؛ المعجم الأوسط : ٤ / ٥٨ ، نقلت الرواية في هذه المصادر عن ابن مسعود ؛ تفسير الرازي : ١ / ٢٠٠ و ٢٠٤ وج ٢ / ٢٢٦ وج ٣ / ١٩٨ وج ٤ / ١٥١ وج ١١ / ١٧٦ ؛ تفسير الآلوسي : ٢٩ / ١١٣ ؛ شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٨٦.