وفيه نظر ، لأنّ المفهوم من التعليم التوقيف ، ولهذا يقال : لم تعلّمني الجميع بل البعض واستنبطت منه الباقي ، وعلمنا نحن بالقياس إنّما يصحّ مع ثبوت المناسبة ، وهي غير معقولة هنا ، لأنّا لا نعلم الداعي إلى تخصيص الألفاظ ببعض المعاني ولم يضعوا علامة عليه ليقاس عليه مشاركة.
وعلى الثاني. بادّعاء تواتر النقل عن أهل اللغة بأنّهم جوّزوا القياس ، فإنّ كتب النحو والتصريف والاشتقاق مشحونة بالأقيسة ، وأجمع العلماء على وجوب الأخذ بها ، لعدم إمكان التفسير للقرآن والأخبار إلّا بتلك القوانين.
وعلى الثالث. بأنّ العلّة هي المعرّف لا الداعي ولا المناسب ، فلا يقدح عدم المناسبة فيه. وقد تقدّم ضعفه.
وعلى الرابع. أنّ هذه الصورة لا تقدح في العمل بالقياس كصور النظّام.
والتحقيق أنّ اسم الخمر مثلا إن جعلتموه موضوعا للنبيذ باعتبار أنّه صادق عند تحقّق الإسكار وكاذب عند عدمه ، فيكون الإسكار علّة في الوضع ، لم يجب التعدية لعدم وجوبها في المأخوذ من المعنى ، كالقارورة والدبران وغيرهما ، فهذا أولى.
وإن قلتم : «إنّه موضوع للخمر ، لأنّه وضع للإسكار» فهو باطل ، لانتفاء الاشتراك والمجاز حينئذ.
وإن قلتم : «إنّه علامة» لم يجب الاطراد كما قلناه.