لأنّا نقول (١) : ما لم يبيّنوا تعليل حكم الأصل ، وأنّ العلّة إمّا المشترك أو المميز ، وأنّ الثاني لا يصلح للعلّيّة ، فيجب الأوّل وهو يستلزم حصول الحكم في الفرع ؛ لم يتم الاستدلال ، وهو عين القياس ، واستخراج العلّة بطريق السبر والتقسيم.
وقيل : إن إيجاب الكفّارة بالإفطار بالأكل والشرب ليس بالقياس على الوقاع ، لأنّ العلّة مومى إليها في قصة الأعرابي ، وهي عموم الإفساد ، فالحكم في الأكل والشرب يكون ثابتا بالاستدلال لا بالقياس ، لافتقار القياس إلى النظر إلى حكم الأصل ، إذ هو أحد أركان القياس لضرورة اعتبار العلّة الجامعة ، والعلّة إذا كانت منصوصة أو مومى إليها ، فقد ثبت اعتبارها بالنص لا بحكم الأصل ، ومهما كان الحكم في الأصل غير ملتفت إليه في اعتبار العلّة لاستقلال النص باعتبارها ، فلا يكون حكم الفرع ثابتا بالقياس لافتقار العمل بالقياس إلى النظر إلى حكم الأصل ، ولا نظر إليه هنا ، بل غايته دلالة النص في الوقاع على الحكم وعلى العلّة ، والحكم في الفرع إذا ثبت بعلّة منصوصة لا يكون حكما بالقياس ولا بالنص ، لعدم دلالة النص عليه وإن دلّ على العلّة. ولا إجماع لوقوع الخلاف ، بل ثبوته بما يسمّى استدلالا.
وأمّا المقدرات فقد قاسوا فيها حتى ذهبوا إلى تقديراتهم في الدلو والبئر.
وأمّا الرخص فقد بالغوا في القياس فيها ، فإنّ الاقتصار على الأحجار
__________________
(١) ذكر الإشكال وأجاب عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٢٥.