وفي الثاني نظر ، لأنّا لمّا رأينا الشرع أهمل القياس فيها وخالف بين الصور المتماثلة وماثل بين المختلفة ولم نجد في موضع شرعية القياس فيه ، علمنا عدم جريانه.
احتج الآخرون بوجوه (١) :
الأوّل. عموم قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا).
الثاني. إطلاق قول معاذ : «أجتهد رأيي» مع أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم صوبه على إطلاقه.
الثالث. حصل ظنّ الحكم فيجب العمل به ، لوجوب الاحتراز عن الضرر المظنون.
وقد تقدّم الجواب عن ذلك كلّه. والشافعي ناقض الحنفية في مسائل : أمّا الحدود فقد كثرت أقيستهم فيها حتى تعدّوها إلى الاستحسان حيث زعموا في شهود الزنا أنّ المشهود عليه يجب رجمه بالاستحسان مع أنّه خلاف العقل ، فالعمل بما يوافق العقل أولى.
وأمّا الكفّارة فقد قاسوا الإفطار بالأكل على الإفطار بالوقاع ، وقاسوا قتل الصيد ناسيا على قتله عمدا مع تقييد النص بالعمد.
لا يقال : هذا ليس بقياس ، بل هو الاستدلال على موضع الخلاف بحذف الفوارق الملغاة.
__________________
(١) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٤٢٤.