لا يقال : ظهور الدليل شرط في صحّته ، وإنّما يتمّ الظهور لو لم يكن اللفظ مجملا ، فنفي الإجمال إذن شرط في الدليل ، وبيان شرط الدليل على المستدلّ لا المعترض.
لأنّا نقول (١) : ظهور الدليل وإن كان متوقّفا على نفي الإجمال غير أنّ الأصل عدم الإجمال. وسؤال الاستفسار يستدعي الإجمال المخالف للأصل ، فكان بيانه على المستفهم ، ولو قال : إنّي لا أفهم منه شيئا فيكون مجملا أو غريبا ؛ فإن كان اللفظ ظاهرا مشهورا عند أهل اللغة والشرع ، لم يسمع منه لانتسابه إلى العناد إذ الغالب عدم خفائه عليه. أمّا لو بين الإجمال أو الاشتراك صحّ السؤال ويكفي السائل بيان تردّد اللفظ بين احتمالين من غير احتياج إلى بيان التسوية بينهما ، لأنّ الأصل عدم الترجيح ، ولعسر قدرته على بيان التسوية وقدرة المستدلّ على الترجيح.
ولو قال المعترض : «اللفظ مستعمل في كلا المعنيين والتفاوت يستدعي ترجيحا بأمر ، والأصل عدمه» كفاه.
وجواب هذا السؤال في دفع الإجمال بجهة الغرابة ، التفسيران عجز عن إبطال غرابته.
وفي دفع الإجمال بجهة الاشتراك منع تعدّد محامل اللفظ ان أمكن. أو بيان الظهور في مقصوده إمّا بالنقل عن أهل اللغة ، أو الشرع ، أو بيان أنّه مشهور فيه والشهرة دليل الظهور ، أو بقرائن معه ، أو بتفسيره. ولو قال : يلزم
__________________
(١) ذكر الإشكال وأجاب عنه الآمدي في الإحكام : ٤ / ٧٤.