ظنيا ، إذ لا عبرة بالظن ما لم تثبت حجّيته ، وقد ذكروا لاستخراج المناط طرقا مختلفة ، أشهرها السبر والتقسيم.
قال الأستاذ عبد الوهاب خلّاف : السبر معناه الاختبار ، ومنه المسبار. والتقسيم هو حصر الأوصاف الصالحة لأن تكون علّة في الأصل ، وترديد العلّة بينها بأن يقال : العلّة إمّا هذا الوصف أو هذا الوصف ، فإذا ورد نصّ بحكم شرعي في واقعة ولم يدلّ نص ولا إجماع على علّة هذا الحكم ، سلك المجتهد للتوصل إلى معرفة علّة هذا الحكم مسلك السبر والتقسيم : بأن يحصر الأوصاف الّتي توجد في واقعة الحكم ، وتصلح لأن تكون العلّة وصفا منها ، ويختبرها وصفا وصفا على ضوء الشروط الواجب توافرها في العلّة ، وأنواع الاعتبار الّذي تعتبر به ، بواسطة هذا الاختبار يستبعد الأوصاف الّتي لا تصلح أن تكون علّة ، ويستبقي ما يصلح أن يكون علّة ، وبهذا الاستبعاد وهذا الاستبقاء يتوصل إلى الحكم بأنّ هذا الوصف علّة. (١)
وما ذكره الأستاذ خلّاف سهل في مقام البيان ، ولكنّه شاق في مقام التطبيق ، وإليك توضيح ذلك :
أوّلا : يحتمل أن يكون الحكم في الأصل معللا عند الله بعلّة أخرى غير ما ظنّه القائس ، ففي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يزوّج البكر الصغيرة إلّا وليّها» جعل الملاك في صغر السنّ أو قصور العقل ، ولذا ألحق بها أصحاب القياس الثيب الصغيرة ، بل المجنونة والمعتوهة ، وذلك بتخريج المناط وانّه هو
__________________
(١) علم أصول الفقه : ٨٤.