وفيه نظر ، فإنّا لا نشترط في الدليل إفادته العلم ، بل ما يحصل به الظن دليل أيضا ، وهو هنا ثابت وهو الشهادة مع الاستصحاب.
ب. المدّعى عليه يدّعي علمه الضروري ببراءة ذمّته ، وقد يعجز الخلق كلّهم عن معرفته فالنافي في العقليات إن ادّعى معرفة النفي ضرورة ، فهو محال ، وإن أقرّ بأنّه مختص بمعرفته اختصاصا لا يمكن أن يشاركه فيه إلّا الله ، فعند ذلك لا يطالب بالدليل ، كما إذا أخبر عمّا يجده من نفي الجوع والشبع ، فحينئذ يستوي النفي والإثبات.
ج. النافي في مجلس الحكم عليه دليل وهو اليمين كما على المدّعي دليل ، وهو البيّنة ، وهو ضعيف ، فإنّ اليمين يجوز أن تكون كاذبة فأي دلالة لها من حيث العقل لو لا حكم الشرع. نعم هو كالبيّنة لجواز أن يشهد بالزور فاستعماله من هذا الوجه صحيح ، أو يقال كما وجب على النافي في مجلس الحكم أن يعضد جانبه بزيادة على دعوى النفي فليجب ذلك في فن الأحكام.
د. يد المدّعى عليه دليل على نفي ملك المدّعي ، وهو ضعيف ، لأنّ اليد تسقط دعوى المدّعي شرعا ، فإنّ اليد قد تكون من غصب أو عارية له فلا دلالة.
وعن الثاني (١). نمنع التعذّر ، فإنّ النزاع إن كان في العقليات أمكن أن يدلّ على نفيها بأنّ إثباتها يفضي إلى محال فيكون محالا ، كقوله تعالى : (لَوْ
__________________
(١) ذكره الغزالي المستصفى : ١ / ٣٨٦.