ومن قال : تخصيص قياس بأقوى منه ، فلا نزاع معه أيضا.
ومن قال : إنّه العدول إلى خلاف النظير لدليل أقوى ، فلا نزاع معه.
وأمّا من قال : إنّه العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة الناس ، كدخول الحمام وشرب الماء من السقّاء ، فإن استند إلى جريانه في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم أو زمان المجتهدين من الصحابة مع علمهم به وعدم الإنكار ، صار حجّة إجماعا ، وإلّا فهو مردود ، لأنّ الشرع هو الحاكم على العادة دون العكس ، فإن تحقّق استحسان مختلف فيه فليس بحجّة على ما اخترناه ، إذ لا دليل عليه ، فلا يجوز الحكم به ، لأنّه يكون حكما في الدين بغير دليل ، إذ لا فرق بين تشريع الحكم وبين تشريع ما يدلّ عليه وليس دليلا في نفس الأمر.
احتجّوا (١) بأنّه تعالى أورد : (فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) في معرض الثناء والمدح لمتبع أحسن القول ، وأمر بقوله : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)(٢) باتّباع أحسن ما أنزل ، ولو لا أنّه حجّة لما كان كذلك.
وبقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» ولو لا أنّه حجّة لما كان عند الله حسنا.
واجتمعت الأمّة على استحسان دخول الحمام من غير تقدير زمان السكون والماء والأجرة.
__________________
(١) ذكرها الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٢) الزمر : ٥٥.