قال الشافعي : من استحسن فقد شرّع. (١)
وهذا الخلاف ليس راجعا إلى اللفظ ، لوروده في القرآن. قال تعالى : (فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(٢) ، (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها)(٣) وغير ذلك.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» (٤).
وكذا ورد في ألفاظ سائر المجتهدين ؛ قال الشافعي في المتعة : «استحسن أن يكون ثلاثين درهما» وقال (في باب الشفعة) (٥) : «استحسن ان يثبت للشفيع الشفعة إلى ثلاثة أيام».
وقال في المكاتب : «استحسن أن يترك له شيء».
فإذن الخلاف ليس في اللفظ ، بل في المعنى ولا يتحقّق موضع الخلاف ، لأنّ من قال : إنّه دليل ينقدح في نفس المجتهد يعتبر عبارته عنه ، فلا نزاع فيه ؛ لأنّه إن شك فيه فمردود إجماعا ، وإن تحقّق فمعمول به إجماعا.
ومن قال : هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى ، فلا نزاع فيه.
__________________
(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦١ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ١٦٢ ؛ والغزالي في المستصفى : ١ / ٤٠٩ ، وغيرهم.
(٢) الزمر : ١٨.
(٣) الأعراف : ١٤٥.
(٤) عوالي اللآلي : ١ / ٣٨١ ؛ بحار الأنوار : ٢٢ / ٤٥. ورواه في مسند أحمد : ١ / ٣٧٩ ؛ مستدرك الحاكم : ٣ / ٧٨ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١٧٧ عن عبد الله بن مسعود.
(٥) ما بين القوسين من المحصول : ٢ / ٥٦١.