محرّفة عنده فكيف يرجع إليها ويعتمد على ما تشتمل عليه؟ ولأنّه لم يرجع إليها في غير الرجم ، ولأنّ من أخبره بوجوب الرجم في التوراة لم يكن ممّن يقع العلم بخبره. فثبت أنّ رجوعه إليها إنّما كان ليقرر عليهم أنّ ذلك الحكم ثابت في شرعهم كما هو ثابت عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّهم أنكروه كذبا وعنادا.
الثاني : لو كان متعبّدا بشرع من قبله لوجب على علماء الأمصار أن يرجعوا في الوقائع إلى شرع من قبله ، ضرورة أنّ التأسي به واجب ، وحيث لم يفعلوا ذلك علمنا بطلانه.
الثالث : لمّا بعث معاذا وقال : «بم تحكم؟ قال : بكتاب الله تعالى ، قال : فإن لم تجد؟ قال : بسنّة رسول الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال : اجتهد رأيي» ولم يذكر شيئا من كتب الأنبياء السابقين ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أقرّه على ذلك ودعا له وقال : «الحمد لله الّذي وفق رسول الله لما يحبّه الله ورسوله». (١) ولو كانت من مدارك الأحكام الشرعية لجرت مجرى الكتاب والسنّة في وجوب الرجوع إليها ، ولم يجز العدول عنها إلى اجتهاد الرأي إلّا بعد البحث عنها واليأس من معرفتها.
لا يقال : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صوبه على حكمه بالاجتهاد (إذا علم من الكتاب) (٢) ، والتوراة ، كتاب ولأنّه لم يذكر التوراة ، لأنّ في القرآن آيات تدل
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٢٣٠ و ٢٤٢ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٦٢ برقم ٣٥٩٢ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٩٤ برقم ١٣٤٢ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٦٠.
(٢) في المحصول : ١ / ٥٢٢ : إلّا إذا عدمه في الكتاب.