مع اشتراك جميع الأنبياء في الوصية بالتوحيد كان تشريفا له وتكريما ، كما خصص روح عيسى بالإضافة إليه ، والمؤمنين بلفظ العباد.
وعن الثالث. الملّة محمول على الأصول دون الفروع ، لأنّه يقال : ملّة الشافعي وأبي حنيفة واحدة وإن اختلفا في الفروع ، ولقوله بعد هذه الآية : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١) ، ولأنّ شريعة إبراهيم عليهالسلام قد اندرست ، ولقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)(٢) ولو كان المراد من الدين الأحكام الفرعية لكان من خالفه فيها من الأنبياء سفيها ، وهو محال.
وعن الرابع. ان قوله : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) لا يمكن إجراؤه على ظاهره ، فإنّ جميع النبيّين لم يحكموا بجميع ما في التوراة بالضرورة ، فوجب التخصيص إمّا في الأنبياء بأن يكون بعض النبيّين حكم بجميع ما فيها وهو غير نافع لهم ؛ أو فيما اشتملت عليه بأن يكون جميع الأنبياء حكموا ببعض ما فيها ، ونحن نقول بموجبه ، فإنّ نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم بما اشتملت عليه من معرفة الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وكيفية الخلق ، وغير ذلك من القصص غير الأحكام الفرعية ، على أنّ قوله (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) صيغة إخبار لا أمر ، وذلك لا يدلّ على وجوب اتّباعها.
وعن الخامس. رجوعه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الرجم إلى التوراة ليعرفهم مساواة الشرعين على ما تقدّم.
__________________
(١) النحل : ١٢٣.
(٢) البقرة : ١٣٠.