في الحكم الّذي يماثله أن يستند أيضا إليها لا إلى ماهية أخرى. وإن لم يكن لذاته ولا لازمها استغنى في نفسه عن تلك العلّة ، والغني عن الشيء لا يكون مستندا إليه ، فوجب في ذلك الحكم أن لا يكون مستندا إلى تلك العلّة وقد فرض مستندا إليها. هذا خلف.
وفيه نظر ، لأنّ ذاته تقتضي الاستناد إلى علّة مطلقة ، لا إلى علّة خاصّة ، وتخصيص العلّة إنّما جاء من قبلها.
الخامسة : لو ثبت الحكم في هذه الصورة لثبت في صورة كذا ، لأنّ تقدير ثبوته في هذه الصورة كان ذلك لدفع حاجة المكلّف وتحصيل مصلحته. وهذا المعنى موجود هناك ، فثبت الحكم هناك ، فلمّا لم يثبت وجب أن لا يوجد هنا.
وفيه نظر ، لأنّ مقادير الحاجات والمصالح خفية لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فجاز التفاوت في الصورتين ، فلا يتساوى الحكم.
السادسة : هذا الحكم كان منتفيا من الأزل إلى الأبد ، فكان منتفيا في اوقات مقدرة غير متناهية ، فيحصل ظنّ الانتفاء في هذه الأوقات ؛ لأنّ الأوقات الغير المتناهية أكثر من المتناهية ، والكثرة مظنّة الظن ، فيكون الحكم في هذه الأوقات المتناهية كالحكم في الأوقات غير المتناهية ، وهو يستلزم النفي.
وفيه نظر ، إذ ليس اعتبار الوقت العيني المتحقّق بالوهميّ أولى من اعتبار حدوث الحكم بغيره من الحوادث المتحقّقة الّتي لا تحصى كثرة.