وإيجادها أوّل مرّة بلا سابق وجود ، وبين القدرة على إحيائها من جديد ، بل القدرة على الثاني أولى ، فإذا ثبتت الملازمة بين القدرتين والمفروض أنّ الملزوم وهي القدرة على إنشائها أوّل مرّة موجودة ، فلا بدّ أن يثبت اللازم ، وهي القدرة على إحيائها وهي رميم ، فأين هو من القياس؟!
ولو صحّت تسمية الاستدلال قياسا ، فهو من باب القياس الأولوي الذي فرغنا عن كونه خارجا عن مورد النزاع.
ويدلّ على ذلك أنّه سبحانه لم يقتصر على هذا البرهان ، بل أشار إلى سعة قدرته بآية أخرى بعدها وقال : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).(١)
والآيات كسبيكة واحدة ، والهدف من ورائها تنبيه المخاطب على أنّ استبعاد إحياء العظام الرميمة في غير محلّه ، إذ لو كانت قدرته سبحانه محدودة لكان له وجه ، وأمّا إذا وسعت قدرته كلّ شيء بشهادة أنّه خلق الإنسان ولم يكن شيئا مذكورا ، وخلق السماوات والأرض وخلقها أعظم من الإنسان ، لكان أقدر على معاد الإنسان وإحياء عظامه الرميمة.
وليس كلّ استدلال عقلي ، قياسا.
وثانيا : لو سلّمنا بدلالة الآية على حجّية القياس ، فإنّ مصبّها هو قياس الأمور الكونيّة بعضها ببعض فيما إذا كانت الجهة المشتركة بين المقيس والمقيس عليه أمرا واضحا ، كالشمس في رائعة النهار ، وأين هذا من القياس
__________________
(١) يس : ٨١.