وثانيا : أنّ القياس يتشكّل من أصل وفرع وجهة جامعة ، وعندئذ يقاس الفرع على الأصل ، وعلى ضوء هذا فما هو الأصل في الرواية وما هو الفرع؟!
فهل ولادة الإبل أصل وولادة الإنسان فرع ، مع أنّ كلا النوعين في الإيلاد واللقاح سواء؟
يقول ابن حزم : وهل من قال : إنّ توالد الناس مقيس على توالد الإبل ، إلّا بمنزلة من قال : إنّ صلاة المغرب إنّما وجبت فرضا ، لأنّها قيست على صلاة الظهر ، وإنّ الزكاة إنّما وجبت قياسا على الصلاة. (١)
وحصيلة الكلام :
أوّلا : أنّ هذه الروايات روايات أحادية لا تفيد العلم اليقين ، فكيف يمكن أن يستدلّ بما لا يفيده في المقام؟ وقد عرفت أنّ الأصل في العمل بالظن ومنه القياس هو الحرمة ، فلا يخرج عن الأصل إلّا بدليل قطعي.
وثانيا : أنّ هذه الأحاديث ليست بصدد الاستدلال على الحكم الشرعي ، بل بصدد رفع الاستبعاد وإرشاد الطرف إلى الحكم الشرعي بأسهل الطرق ، وحاشا أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استدلّ بالقياس على الحكم الشرعي ، فإنّه عالم بعامّة الأحكام عن طريق الوحي ، وقد وصفه سبحانه
__________________
(١) الإحكام في أصول الاحكام : ٧ / ٤١٣.