يلاحظ عليه :
أوّلا : أنّ عدم إيفاء النصوص عند أهل السنّة بالإجابة عن جميع الأسئلة المتكثّرة ، لا يكون دليلا على حجّية القياس ، فربّما تكون الحجّة غيره ، إذ غاية ما في الباب أنّ عدم الوفاء يكون دليلا على أنّ الشارع قد حلّ العقدة بطريق ما ، وأمّا أنّ هذا الطريق هو القياس ، فلا يكون دليلا عليه.
إنّ فقهاء السنّة لو رجعوا إلى الطرق والأمارات والأصول العملية الأربعة (١) الّتي مضى الإيعاز إليها في الباب الأوّل لاستغنوا عن اعتبار القياس ، وهذه الضوابط والأمارات واردة في حديث أئمّة أهل البيت عن جدّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والقوم لما أعرضوا عن أحد الثقلين ـ أعني : العترة الطاهرة في حديث الرسول ـ وقعوا في هذا المأزق وزعموا انّ النصوص غير وافية ببيان الأحكام غير المتناهية ، وقد غفلوا انّ غير المتناهي هي الجزئيات والمصاديق ، وهو لا يوجد مشكلة إذا كانت الضوابط العامة قادرة على إعطاء حكمها.
وثانيا : أنّ المستدلّ اتّخذ المدّعى دليلا وقال : «والقياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع المتجدّدة» ، مع أنّ الكلام في أنّ القياس هل هو مصدر تشريعيّ حتّى نأخذ به في مسايرته مع الوقائع المتجدّدة أو لا؟ ومجرّد كونه يساير الحوادث لا يكون دليلا على كونه حجّة ، فانّ القوانين الوضعيّة في الغرب تساير الوقائع أيضا ، فهل يصحّ لنا أخذها بذلك الملاك؟!
__________________
(١) البراءة ، الاحتياط ، التخيير ، الاستصحاب.