عن التحصيل بجلب النفع ، وعن الإبقاء بدفع الضرر ، لأنّ ما قصد إبقاؤه فإزالته مضرّة وإبقاؤه دفع المضرّة. ثمّ هذا التحصيل والإبقاء قد يكون معلوما ومظنونا ، وعلى التقديرين فقد يكون دينيا ودنيويا.
والمنفعة : اللذة أو ما يكون وسيلة إليها. والمضرة : الألم أو ما يكون وسيلة إليه. واللذة قيل : إدراك الملائم. والألم قيل : إدراك المنافي. والحقّ أنّهما غنيان عن التعريف ، لأنّهما من الوجدانيات ، فإنّا ندرك بالضرورة التفرقة بينهما وبين كلّ واحد منهما وبين غيرهما ، فهو أظهر من كلّ ما يعرّف به.
الثالث : أنّه الملائم لأفعال العقلاء في العادات ، فيقال : هذه اللؤلؤة تناسب هذه اللؤلؤة لملاءمة جمعهما في سلك واحد ، وهذا الثوب يناسب هذه العمامة ، أي الجمع بينهما ملائم. وهذا تعريف من يأبى تعليل أحكامه تعالى بالحكم والمصالح ، أو السابق عليه تعريف من يعتقد التعليل. (١)
الرابع : المناسب : وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودا من شرع ذلك الحكم. سواء كان الحكم وجوديا أو عدميا ، وسواء كان المقصود جلب مصلحة أو دفع مفسدة.
وقد عرفت أنّ هذه المناسبة تسمى تخريج المناط ، وهو تعيين العلّة بمجرّد إبداء المناسبة من ذاته لا من نص ولا غيره ، كالإسكار في التحريم ،
__________________
(١) ذكر التعريفين الثاني والثالث الرازي في المحصول : ٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.