فإقامة البرهان على إثبات لوازم القطع غير معقول لأنّه ينتهي إلى القطع بثبوت لوازمه وإلّا لم يكن برهانا فإذا انتهى البرهان إلى القطع فننقل وجوب الموافقة وحرمة المخالفة إلى هذا القطع إلى أن يتسلسل لأنّ حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد فلو احتاج إثبات لوازم القطع إلى إقامة البرهان للزم التسلسل ، واللازم منتف ، فالملزوم مثله.
وامّا بيان الملازمة فواضح لا يحتاج إلى البيان ؛ لأنّه عيان ، وكل عيان لا يحتاج إلى البيان ، فهذا لا يحتاج إلى البيان.
قوله : ولا يخفى أن ذلك لا يكون بجعل جاعل ...
بعد ما عرفت ان للقطع آثارا مترتّبة عليه تعرف انّه يمتنع أن يكون واحد منها تحت جعل جاعل لا تكوينا ولا تشريعا :
أمّا الأوّل فلامتناع تعلّق الجعل تكوينا بكون القطع طريقا إلى الواقع وكاشفا عن متعلّقه لما عرفت من أنّه من لوازمه الذاتيّة التي تكون نفس الذات علّة لها بحيث لا يتوقّف وجودها على أكثر من الذات فاستنادها إلى جعل جاعل خلف الفرض فلا يتصوّر الجعل في الذات والذاتيات أي ما هو جزء للماهية من جنسها وفصلها فلا معنى لجعل الإنسان إنسانا أي حيوانا ناطقا ولا لجعله حيوانا ، أو ناطقا بأن يقول الجاعل جعلت الإنسان حيوانا ناطقا ، أو يقول جعلت الإنسان حيوانا ، أو ناطقا ، وكذا لا يصحّ أن يقول جعل القطع طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري لا يحتاج إلى الجعل وكذا ثبوت جزء الشيء للشيء ضروري أيضا فلا يعقل الجعل فيه أصلا بجميع أنحائه لا بسيطا ، وهو الجعل المتعلّق بمفعول واحد ، وهو يكون بمعنى الايجاد ، نحو : جعلت إنسانا ، أي أوجدته ، ولا مركبا وهو الجعل المتعلّق بمفعولين نحو جعلت زيدا أميرا ، أي أميرا صيّرته ، فجعل البسيط