المقدمات نصب الطريق الذي لم يصل إلينا أصلا ، إذ الاحتياط واجب حينئذ في جميع الأمارات الواصلة إلينا ، أما بخلاف أن تكون النتيجة طريقا واصلا بنفسه ، أو طريقا واصلا بطريقه ، بناء على مسلك الكشف ، فلا موجب للاحتياط حينئذ ، إذ يجب علينا أن نعمل على طبق الطريق الواصل بنفسه ، أو بطريقه فقط ، هذا ، أولا.
وثانيا : إن العلم الاجمالي بنصب الطريق يوجب الاحتياط في موارد الأمارات التي تكون مثبتة للتكاليف ، وأما إذا كانت الأمارات والاصول نافية لها فلا وجه لوجوب العمل على طبقها ، مثلا إذا دل خبر الصحيح على عدم وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، أو دلت أصالة البراءة على عدم وجوبها لتعارض النصين أحدهما يدل على وجوبها في عصر الغيبة والآخر يدل على حرمتها فيه فهما تعارضا وتساقطا وبعد التساقط حصل لنا الشك في وجوبها وعدم وجوبها فنجري البراءة ، فللمكلف أن يعمل حينئذ باحتمال وجوبها ويحتاط بإتيانها برجاء المطلوبية أي مطلوبية وجوبها ويترك العمل بالخبر الصحيح وأصالة البراءة لجواز الاحتياط في المسألة الفرعية وإن كان خبر الصحيح قام على عدم الوجوب معلوم الحجية ، وكذا أصالة البراءة تحكم بعدم الوجوب كانت معلومة الحجية إذا لم يتعارضا مع اصالة الاحتياط واما إذا تعارضا مع الاحتياط فلا يكونان معلومين الحجيّة.
نعم : إذا كان تمام مدرك المسألة الفرعية أصلا ودليلا نافيا للتكليف بحيث يحصل لنا القطع بنفي التكليف من وجوب ، أو حرمة ويحصل لنا الأمن من العقوبات المحتملة ، فلا محل للاحتياط بالاتيان في هذا الفرض ، كما لا يخفى.
وأما إذا قامت الأمارة ، كالخبر الصحيح ، أو الموثق ، على نفي التكليف ولكن كان مقتضى الأصل في المسألة هو الاحتياط بالاتيان فلا ريب في إن الاحتياط مقدم في المسألة الفرعية على الاحتياط في المسألة الاصولية إذا قلنا بحجية أخبار