وعليه : فلا يصغى إلى ما قيل من أن إيجاب الاحتياط لا يخلو من وجهين :
الأوّل : أن يكون مقدمة للاجتناب عن العقاب المترتب على مخالفة الواقع المجهول وأن يكون وجوبه طريقيا إلى الواقع ومقدميا ولا ريب في قبح العقاب على مخالفة الواقع المجهول لأنه عقاب بلا بيان ، إذ التكليف مجهول لنا لأن البيان عليه ليس بموجود للشارع المقدس حينئذ.
الثاني : أن يكون وجوبه نفسيا مثل سائر الواجبات النفسية كالصلاة والزكاة والجهاد مع الكفار دفاعا وأمثالها وحينئذ لا جرم يكون العقاب على مخالفة نفس الاحتياط لا على مخالفة الواقع المجهول. أما وجه قوله ولا يصغى إلى ما قيل سابقا فيقال قد علم سابقا في ضمن الاستدلال للقائلين بالبراءة أن وجوب الاحتياط لو سلم طريقي ومقدمي ، فالقائل يقول بقبح العقاب على مخالفة الواقع المجهول.
أجاب عنه الآخوند قدسسره إنه إذا كان وجوب الاحتياط في الشبهات طريقيا فالوجوب للاحتياط يكون صالحا للبيان ولا يلزم بحكم العقل أن يكون للشارع المقدس في كل واحد من الموارد بيان خاص كي يصح العقاب والمؤاخذة من قبل المولى للعباد بل إيجاب الاحتياط على نحو الطريقية إلى الواقع يكفي لصحة استحقاق العقاب على المخالفة ولصحة احتجاج المولى على عبيده بقوله إني ، أوجبت عليكم الاحتياط في الشبهات ويقول لهم لم خالفتم الاحتياط وارتكبتم محتمل الحرمة ، وذلك كشرب التبغ مثلا ، وتركتم محتمل الوجوب ، كالدعاء عند رؤية الهلال مثلا ، بل يلزم عليكم أن تحتاطوا بترك محتمل الحرمة وبفعل محتمل الوجوب ، فيصح الاحتجاج به أي بوجوب الاحتياط ، إذ ترك الاحتياط سبب ترك ذي الطريق والواقع كما أن الأمر في التبعية عن الأمارات المعتبرة والطرق الصحيحة إنما يكون لأجل تحفظ الواقع ودركه بل الأمر يكون هكذا في التبعية عن الاصول العملية الناظرة إلى الواقع كالاستصحاب ونحوه لا ما سواه كقاعدة الحل وقاعدة